بتأسيس دوقية وارسو Warsaw (فرسافا) تحت الحماية الفرنسية مقتطعاً إياها من المناطق البولندية التي تحتلها بروسيا.
ولهذه الدولة (الدوقية) الجديدة التي تضم مليوني نفس، وضع - في ٢٢ يوليو سنة ١٨٠٧ - دستوراً يمنع القِنانة (عبودية الأرض) ويجعل كل المواطنين أمام القانون سواء ويجعل المحاكم علنية أمام القضاء ويجعل مدوّنة نابليون القانونية أساساً للتشريع والعدالة. وألغى حق النبلاء في الاعتراض على القرارات والعوائد الإقطاعية وألغى الدايت الخامل، وخوّل السلطة التشريعية لمجلس شيوخ من الأعيان ومجلس من مئة نائب، أما السلطة التنفيذية فأوكلها لملك سكسونيا الذي كان سليلاً لحكام بولندا السابقين. لقد كان هذا الدستور دستوراً متنِّوراً مُتفقاً مع ظروف مكانه وزمانه.
ومع أن نابليون كان كريماً مع القيصر، فإنه كان قاسياً لا يرحم مع ملك بروسيا الذي سبق أن نقض تحالفه مع فرنسا لينضم إلى أعدائها. لقد طالب (نابليون) فريدريك وليم الثالث بتسليم كل المناطق البروسية غرب نهر إلب. وكان معظمها قد جرى إعادة تكوينها كدوقية بيرج Berg الكبيرة ومملكة وستفاليا. وكلُّ بولندا البروسية تقريباً أصبحت دوقية وارسو (فرسافا) الكبيرة ما عدا دانزج Danzig التي أصبحت مدينة حرّة في ظل حامية فرنسية.
وكان على نصف بروسيا الباقي أن يُغلق أبوابه في وجه التجارة البريطانية وأن يشترك في الحرب ضد إنجلترا إن دُعِي لذلك وأن تظل القوات الفرنسية تحتله حتى يتم دفع التعويض المالي الكبير كاملاً. وصُعق فريدريك وليم - الذي لم يكن يريد الحرب - لقسوة هذه الشروط.
واندفعت الملكة لوسي (لويزا) Louise - التي تكاد تكون هي السبب في دخول بلادها الحرب - من برلين (في ٦ يوليو) وطلبت من نابليون متودّدة له بالحجج والعطور والابتسامات والدموع كي يُخفف من مطالبه. فبرَّد نابليون من فيض فصاحتها وأثر عطرها وسحر ابتسامتها بأن قدم لها كرسياً لتجلس فيصعُب عليها - وهي جالسة - بث سحرها، وشرح لها أنه لابد أن يدفع أحد الطرفين بسبب الحرب. ولماذا لا تكون الحكومة التي خرقت المعاهدة - بناءً على وصيتها - هي التي تدفع؟ وأبعدها بعد أن رفض طلباتها بأدب، وفي اليوم التالي أمر تاليران بإبرام الاتفاقات كما سبقت صياغتها قبل