نفسه بخلفية كل ضابط تحت قيادته المباشرة وشخصيته وآماله. وكان يختلط بين الحين والآخر بالجنود العاديين مذكّراً إياهم بانتصاراتهم سائلاً عن أحوال أسرهم مستمعاً لشكواهم. وقد كان يحشد حرسه الإمبراطوري ويسميهم المدمدمون لكثرة دمدمتهم، وقد حاربوا من أجله حتى الموت. وفي بعض الأحيان كان يتحدث إليهم ساخراً من سذاجة جندي المشاة، فعلى سبيل المثال عندما كان في سانت هيلانة أبدى ملاحظة مؤداها أن الجنود جُعلوا ليُلقوا بأنفسهم إلى التهلكة ولكنه تبنّى - وأعان - كل أطفال المقاتلين الفرنسيين الذين ماتوا في أوسترليتز Austerlitz. لقد كان جنوده يحبونه حباً يفوق حب أي طائفة أخرى من الشعب الفرنسي له، لذا فقد كان حضوره في ميدان المعركة - وفقاً لرأي ولينجتون يعادل حضور أربعين ألف مقاتل.
وكانت خطاباته لجيشه جزءاً مهما من إستراتيجيته، فمن أقوال أنه في الحرب تعتبر المعنويات والرأي تعادلان ما هو أكثر من نصف المعركة. فمنذ معركة قيصر على نهر الروبيكون Rubican لم يكن لقائد مثل هذا التأثير الذي كان نابليون يُحدثه في جنوده. ويخبرنا بورين الذي كتب بعض هذه البيانات الشهيرة من إملاء نابليون أن الجنود في حالات كثيرة لم يكونوا يستطيعون فهم ما يقوله نابليون لكن هذا لم يكن مهما فقد كانوا على استعداد لتنفيذ أوامره راغبين غير مكرهين حتى لو كانوا حُفاة وبلا مؤن وفي كثير من خطبه شرح لهم خطط عملياته وعادة ما كانوا يفهمون ما يعنيه، وكانوا يتحملون المسيرات الطويلة الشاقة بصبر مما كان يمكّنهم من مفاجأة العدو أو اجتياحه بالتفوق العددي عليه.
ومن أقوال نابليون أن:"أفضل الجنود هو الذي يسير بلا تعب، فهذا أفضل من مقاتل لا يجيد المسيرات الطويلة". وفي إعلان سنة ١٧٩٩ قال للمستمعين إليه:"إن فضائل الجندي تتمثل في الجَلَد والتحمل والنظام، وتأتي الشجاعة في المقام الثاني". وغالباً ما كان يبدي رحمة ولكنه لم يكن يتردد في اتخاذ قرارات قاسية إذا كان الانضباط في خطر. وبعد انتصاراته الأولى في إيطاليا عندما سمح لجنوده - بعد تروّ - بشيء من السلب لتعويض تقصير حكومة الإدارة في إمداد الجنود بالطعام واللباس والرواتب، عاد فمنع مثل هذه المسلك (السلب) وفرض النظام بشدّة ومنع السلب وسُرعان