الصيف، ويثرثر الجار مع جاره إذ هما يستحمان ثرثرة لا تنقطع (٥٢)؛ وكانوا يستحمون في الشتاء بماء ساخن مبلغ حرارته مائة وعشر درجات، فيكون لهم ذلك وسيلة تدفئة من البرد؛ وكان غذاؤهم بسيطاً وصحياً قبل أن تطغى عليهم موجة الترف؛ ووصف الصينيون اليابانيين في الزمن القديم فقالوا عنهم إنهم "شعب طويل العمر، حتى ليكثر فيه الأفراد الذين يبلغون في أعمارهم مائة عام"(٥٣).
وكان الطعام الرئيسي عند الشعب هو الأرز، يضيفون إليه السمك والخضر ونبات البحر والفاكهة واللحم، كل بنسبة ثرائه؛ وكان اللحم لوناً من الطعام نادراً إلا بين الطبقة العالية وطبقة الجنود؛ وكان العامل الياباني يفضل هذا الطعام الذي يتألف من أرز وسمك ولا لحم، يتمتع برئتين سليمتين وعضلات قوية، فيستطيع الجري من خمسين ميلاً إلى ثمانين في أربع وعشرين ساعة دون أن يشكو إعياء. فإذا ما أضاف اللحم إلى غذائه، فقد قدرته هذه على الجري السريع (١) وحاول الأباطرة في عصر كيوتو محاولة دينية قصدوا بها أن يؤيدوا قوانين التغذية كما تأخذ بها البوذية؛ فحرموا ذبح الحيوان وأكله؛ ولكن لما رأى الناس أن الكهنة أنفسهم كانوا يخرجون على تلك القوانين خفية، أخذوا يدخلون اللحم لوناً شهياً من الطعام ويسرفون في أكله كلما مكنتهم من ذلك قدرتهم المالية (٥٧).
فاليابانيون كالصينيين والفرنسيين يعدون إجادة الطهي علامة جوهرية للحضارة، حتى لقد أخذ الطهاة كأنهم في ذلك فنانون أو فلاسفة ينقسمون مدارس يناهض بعضها بعضاً بما تبدع كل منها من "وصفات".
(١) لكننا نلاحظ من جهة أخرى أن اليابانيين الذين لم يكونوا يعملون بأجسادهم، وكانوا يعيشون على كميات كبيرة من الأرز، كانوا يتعرضون لاضطرابات في الهضم.