تسقط أبداً". لقد أدرك أنه بإشرافه على كل شيء وعدم إغفاله أي شيء أن التعريفات الحامية Protective tariffs والتمويل المالي الموثوق به وصيانة الطرق والقنوات بشكل جيد، كل ذلك لابد أن يشجع الفلاحين على العمل الجاد المتواصل وعلى شراء الأراضي واستصلاح المزيد منها، وتزويد جيوشه بالشباب الأقوياء. لقد كان عدد كبير جداً من الفلاحين الفرنسيين يعملون بنظام المزارعة (أي العمل في مزارع الآخرين لقاء المشاركة في المحصول) أو في أراضٍ مستأجرة لكن نصف مليون منهم أصبحوا بحلول عام ١٨١٤ يمتلكون الفدادين (الأكرات acres) التي يزرعونها. وقد وصفت سيدةٌ إنجليزية قامت برحلة إلى فرنسا في هذا العام الفلاحين الفرنسيين بأنهم يتمتعون بدرجة من الرخاء لم يصل إليها الفلاحون في أي مكان في أوروبا. وقد نظر هؤلاء الزرَّاع إلى نابليون باعتباره الضمان الحي لحُجج ملكياتهم وظلوا موالين له حتى وهنت أراضيهم نتيجة غياب أبنائهم المجندين في جيوشه.
واهتم نابليون أيضاً بالصناعة اهتماماً أساسياً. فجعل من مهامه زيارة المصانع وإظهار اهتمامه بعمليات الإنتاج والمنتجات، وبالعمال والحرفيين والمديرين. وتطلّع إلى وضلع العِلْم في خدمة الصناعة. لقد أقام المعارض الصناعية - ففي سنة ١٨٠١ أقام معرضاً في اللوفر، وآخر في سنة ١٨٠٦ في خيمة هائلة في ميدان الجنود المتقاعدين ومشوّهي الحرب ونظم مدرسة الفنون والحِرَف، وكافأ المخترعين والعلماء. وأجريت التجارب في سنة ١٨٠٢ لاستخدام طاقة البخار وبالفعل فقد تم تجريب آلة غير مُتقنة تعمل بالبخار لتسيير بارجة نقل بضائع في ترعة قرب باريس، لكن أمر استخدام الطاقة البخارية كان في حاجة إلى مزيد من الجهود.
وفي سنة ١٨٠٣ قدَّم روبير فلتون Robert Fulton خطة لاستخدام الطاقة البخارية في الملاحة، فأحالها نابليون إلى المعهد الوطني الفرنسي Institute National الذي رفضها بعد شهرين من التجارب لكونها غير عملية. لقد كانت الصناعة الفرنسية تتقدم على نحو أبطأ من الصناعة البريطانية، فقد كانت أسواق تصريف منتجاتها أقل ورؤوس أموالها أقل، واستخدام الآلات فيها أقل.
وعلى أية حال ففي سنة ١٨٠١ عرض جوزيف - ماري جكوار Joseph-Marie Jacquard آلة جديدة للنسج وفي سنة ١٨٠٦