للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطل على هذا النهر ذاته،

والأكثر أهمية إنشاء ٣٣،٥٠٠ ميل من الطرق الجديدة في فرنسا، وما لا حصر له من الجسور بما في ذلك جسر أوسترليتز Ponts d'Austerlitz في باريس وجسر لينا Lena في باريس أيضاً، أضف إلى هذا تطهير النهر ومد شبكة رائعة من الترع والقنوات. لقد تم حفر ترع كبرى لتربط باريس بليون Lyons وليون بستراسبورج Strasbourg وبوردو Bordeaux. وسقط نابليون قبل أن يستطيع إكمال مشروعين آخرين: قنوات تربط الراين بالدانوب والرون، وقنوات أخرى تربط البندقية (فينيسيا) بجنوى Genoa .

ولم يكن مسموحاً للعمال الذين يعملون في حفر القنوات وإقامة أقواس النصر وتشغيل المصانع بالاشتراك في أي إضراب أو تكوين اتحادات للمطالبة بتحسين ظروف العمل أو رفع الأجور. وعلى أية حال فإن حكومة نابليون عملت على أن تكون الأجور متمشية مع الأسعار وأن يخضع الخبَّازون والجزارون (اللحّامون) والمنتجون لتنظيم الدولة وأن تتوفّر ضروريات الحياة خاصة في باريس.

وحتى الأعوام الأخيرة من حكم نابليون كانت الأجور تزداد بمعدّل أسرع من ازدياد الأسعار وشاركت البروليتاريا (الطبقة العاملة) على نحو معتدل في الرخاء العام وفي مجد انتصارات نابليون، فأصبحوا أكثر وطنية من البورجوازية. فأعطوا أذناً غير مصغية للبورجوازيين الليبراليين مثل مدام دي ستيل وبنيامين كونستات (قستنطين) Constant في تبشيرهم بالحرية.

ومع هذا كانت هناك أصوات مستاءة، وأسباب للاحتجاج. فلأن الاقتصاد الحر كلما تقدَّم أصبح النشيطون أثرياء، فقد أدرك بعض الناس أن المساواة تتدهور في ظل الحرية، وعلى هذا فقد كان رأيهم أن الحكومة تقوم بعمل مُنكر بسماحها بتركيز الثروة لتستثني بذلك نصف السكان من ثمار الاختراعات ومزايا الحضارة،

ففي سنة ١٨٠٨ أصدر فرانسوا - ماري فورييه Fourier كتابه نظرية الحركات الأربع ومصير العامة الذي يمثل أول مثال تقليدي للاشتراكية المالية Utopian. لقد اقترح على غير الراضين بأوضاعهم في ظل النظام الصناعي القائم أن يتَّحدوا في كتائب تعاونية phalanges بمعنى أن تعيش حوالي أربعمائة أسرة معاً في مستعمرات تعاونية (تستخدم بعض الكتب والقواميس العربية مصطلح كتائب تعاونية أو كتائبية تعاونية) أو مبنى واحداً مُشاعاً بينهم بحيث يقضي كل الأعضاء