للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدء الحرب وعندما هزمهم فرض عليهم وعلى حُكامهم السابقين دفع مبالغ طائلة تأديباً لهم، وكان نابليون يحتفظ بجانب من هذه الغرامات تحت إشرافه الشخصي كملك استثنائي Domaine extraordinaire وقد تباهى في سنة ١٨١١ أن لديه ٣٠٠،٠٠٠،٠٠٠ فرنك ذهبي في أقبية (جمع قبو) قصر التوليري Tuileries وكان يستخدم هذه الميزانية في تذليل صعوبات الخزانة الفرنسية، وفي تصحيح التحوّلات الخطرة في سوق الأوراق المالية وتمويل الأشغال العامة أو التحسينات البلدية والقروية، وللمكافأة على الخدمات البارزة ولتمييز الفنانين والكتاب ولإنقاذ الصناعات المتعثرة ولرشوة صديق أو عدو، ولتنفيذ سياساته السرّية. ويتبقي جزء كافٍ للاستعداد للحرب التالية وليجعل الضرائب أقل بكثير مما كانت عليه في ظل لويس السادس عشر أو أثناء الثورة الفرنسية.

يقول تين Taine قبل سنة ١٧٨٩:

"كان الفلاح الفرنسي يدفع من كل مئة فرنك يكسبها ١٤ فرنكاً للسيد الإقطاعي و ١٤ فرنكاً للإكليروس (رجال الدين) و ٥٣ فرنكاً للدولة ولا يبقى له سوى ١٨ أو ١٩ فرنكًا".

وبعد سنة ١٨٠٠ لم يعد يدفع للسيد الإقطاعي أو للإكليروس وإنما أصبح يدفع قدراً قليلاً للدولة و ٢٥ فرنكاً لمجلس الدائرة أو المحافظة ويحتفظ لنفسه بسبعين فرنكاً من مئة لنفسه.

وقبل سنة ١٧٨٩ كان العامل اليدوي يدفع ما يعادل أجر أيام عمل تتراوح ما بين عشرين يوماً إلى تسعة وثلاثين يوماً ليسدّد ما عليه من ضرائب كل عام، وبعد سنة ١٨٠٠ أصبحت هذه الفترة تتراوح ما بين ستة أيام إلى تسعة عشر يوماً. وكاد عبء الضرائب المباشرة يقع كله على كاهل من يملكون مقابل الإعفاء شبه الكامل (من الضرائب) لمن لا يملكون وعلى أية حال فقد كانت هناك ضرائب كثيرة معتدلة تماماً غير مباشرة أو ضرائب مبيعات كان يتحملها كل الناس على نحو سواء ومن ثم كان الفقراء يعانون منها أكثر من الأثرياء.

وقرب نهاية الحكم الإمبراطوري زادت تكاليف الحرب عن عوائدها فارتفعت الضرائب والأسعار وعمّ السخط. ودفعت الأزمة المالية في سنة ١٨٠٥ نابليون إلى إعادة تنظيم بنك فرنسا الذي كان قد أنشئ في سنة ١٨٠٠ في ظل إدارة خاصة. وبينما كان نابليون يحارب دفاعاً عن وجوده السياسي في مارينجو Marengo أحكمت مجموعة من المضاربين سيطرتها على إمدادات القوات