أو سوق الدعارة (١)؛ وفي مستطاعه أن يطلق زوجته بكلمة واحدة (٧٠)، فإذا ما كان الرجل من عامة الشعب، كان الأغلب أن يقتصر على زوجة واحدة، أما إذا كان من أبناء الطبقة العليا فقد كان من حقه أن يحيط نفسه بالخليلات؛ ولم يكن أحد ليهتم بما يقترفه من خيانة زوجية آناً بعد آن (٧١)؛ ولما دخلت المسيحية بلاد اليابان، شكا الكتاب من أهل البلاد مما أحدثته من اضطراب في هدوء الحياة العائلية، بتعاليمها التي تجعل اتخاذ الخليلات واقتراف الزنا من الخطايا (٧٢).
وكانت منزلة المرأة في اليابان- كما هي الحال في الصين- أعلى في مراحل المدنية الأولى منها في المراحل المتأخرة، فترى ست نساء بين حكام البلاد إبان العهد الإمبراطوري، ولعبت المرأة في كيوتو دوراً هاماً، بل لعبت الدور الأول في حياة الأمة الاجتماعية والأدبية؛ وفي ذلك العهد الذهبي للثقافة اليابانية- لو جاز لنا أن نجازف بالرأي في مثل هذه النواحي الغامضة- سبق الزوجات أزواجهن في عالم الزنا، بحيث كن يبعن العفة بقول جميل يقال (٧٣)، وتصف لنا "السيدة سي شوناجون" شاباً على وشك أن يرسل رسالة غرامية لخليلته، فقطعها ليغازل فتاة عابرة؛ ثم تضيف تلك الكاتبة المحبوبة البارعة في أدب المقالة، قولها:"ولست أدري إن كان الرسول الذي حمل رسالة هذا المحب معطرة بقطرات الندى انتثرت من الزهور العبقة، قد تردد في تقديمها إلى الحبيبة، إذ وجدها هي بدورها تستضيف عشيقاً"(٧٤)؛ ثم انتشرت نظرية أهل الصين في إخضاع المرأة للرجل، حين انتشر النظام الإقطاعي الحربي، وحين تناوب البلاد تهاون وشدّة جعلا يتعاقبان على نحو طبيعي يسجله التاريخ؛ فأصبح المجتمع يسوده الذكور، وأذعن النساء "للطاعات الثلاث" الوالد والزوج والابن"؛ وأوشك الناس ألا يضيعوا جهدهم في تعليم النساء، اللهم إلا تعليمهن آداب الأوضاع الاجتماعية؛ وطولب النساء بالأمانة الزوجية يتهددهن في ذلك عقاب الإعدام؛ فإذا وجد
(١) لم يكن يقع هذا إلا في أحط الطبقات وعند الضرورة القصوى.