إلاّ لتناول حياة والده في هذا الصَّدد، فقد كان أبوه أيضاً منشغلاً بآثامه لدرجة أنَّه لم يكن لديه وقت لرعاية ابنه. وكان البارون أرنولد جوست كونستانت دي ريبيك Baron Arnold-Juste Constant de Rebecque ضابطاً في فرقة عسكرية سويسرية في خدمة برلمان الأراضي المنخفضة (نذرلاند Netherlands / هولندا) وكان وسيماً قارئاً جيداً لفولتير وصديقاً له.
وفي بواكير سنة ١٧٦٧ تزوّج من بروتستنتية (هوجونوت Huguenot) فرنسية هي هنريت دي شاندييه (كاندييه) Henriette de Chandieu، وكان هو في الأربعين من عمره بينما كانت هي في الخامسة والعشرين، وفي ٢٥ أكتوبر أنجبت له بنيامين في لوزان Lausanne ثم ماتت بعد الإنجاب بأسبوع، فكانت هي الأولى من بين نساء كثيرات عانيْن من عدم انضباطه، وعهد الأب بابنه لمشرفين كثيرين لم يكن يدقق عند اختيارهم، حاول أحدهم بالضرب تارة والتدليل أخرى أن يجعل منه طفلاً أعجوبة في اليونانية وعندما أضرّ الضرب بصحة بنيامين تمَّ نقله إلى مشرف (معلّم) ثان فأخذه إلى ماخور في بروكسيل، أما مشرفه (معلّمه) الثالث فعلمه قدراً طيباً من المعلومات الموسيقية، أما المعلِّمون الآخرون فعوّلوا على أن يُعلّم نفسه بنفسه بتدريبه على القراءة، فكان بنيامين يقرأ من ثماني ساعات إلى عشر يومياً، فأضر ذلك - بشكل دائم - بعينيه وإيمانه وقضى عاماً في جامعة ارلانجن Erlangen ثم نُقل إلى ادنبره Edinburgh، حيث شعر بالهبّة الأخيرة للتنوير الاسكتلندي لكن هناك أيضاً بدأ في المقامرة، فأصبح القمار (الميسر) في المحل الثاني بعد ممارسة الجنس في حياته المضطربة. وبعد مغامرات في باريس وبروكسل استقر في سويسرا وبدأ يكتب تاريخ الدين من وجهة نظر تُظهر تفوق الوثنية على المسيحية.
وراح يتنقل من امرأة إلى امرأة ومن كازينو (نادي قمار) إلى كازينو حتى رتّب أبوه أخيراً (١٧٨٥) أمر إقامته في باريس مع أسرة جان - بابتست سوار Jean-Baptiste Suard الناقد الأدبي الوَدُود:
"لقد تلقتني جماعته بقبول تام، وكان يَنْقُصني في ذلك الوقت السلامة والانضباط نقصاً معيباً، لكن حدث تغير مُحكم بشكل مضحك في حياتي. فقد بدا تعليمي - الذي كان متقطعاً غير منهجي، لكنه أرقى من تعليم معظم أدباء الجيل الصاعد - وأصالة