للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

Philosophie Zoologique" . ورغم تدهور قدرته على الإبصار، فقد واصل دراساته وكتاباته مستعيناً بأخته الكبرى وبيير أندريه لاتريل Pierre Andre Latreille. وفي الفترة من ١٨١٥ إلى ١٨٢٢ أصدر تصنيفه النهائي والنتائج التي توصّل إليها في كتابه الضخم: "التاريخ الطبيعي للافقاريات Histoire naturelle des animaux sans vertebres" وبعد ذلك أصابه العمى تماماً وأصبح عاطلاً عن العمل يكاد يكون معدوما. لقد كانت حياته ضريبة ثقيلة دفعها لقاء شجاعته، وكانت حالُه في شيخوخته عاراً لحكومته.

وبدأت فلسفته في علم الحيوان (أو بتعبير آخر إقامته على أسس عقلية) بتأمله التغيّر الدائم (الذي لا ينتهي) والغامض في أشكال الحياة. فكل فرد يختلف عن كل الأفراد الأخرى (فرد بمعنى واحد من جنس أو نوع من الكائنات الحية)، ومن بين أي نوع يمكن أن نجد فروقاً دقيقة تجعل من الصعب - وربما من عدم الدقة - أن نفصل النوع عن جيرانه الأقرب إليه شبها ونَسَبا سواء من حيث الشكل أو الوظيفة، وانتهى لامارك إلى أن النوع هو فكرة مجرَّدة أو مجرد مفهوم، أما في الحقيقة فليس هناك إلاّ موجودات فُرادى أو أشياء فُرادى أما الأقسام والفروع والأنواع التي نجعلها إطارا نجمع تحتها الأفراد أو نصنِّفهم من خلالها فما هي إلاّ أدوات فكرية (عقلية) تساعدنا على التفكير فيما هو متشابه.

لكن كيف ظهرت هذه الأنواع المختلفة من نبات وحيوان؟ هنا يجيبنا لامارك بالقانونين التاليين:

القانون الأول: في كل حيوان مازال في حالة تطور نجد أن العضو الأكثر استخداما والأكثر اعتماداً عليه، يقوى تدريجيا ويتطور وينمو بمرور الوقت، بينما العضو الذي لا يستخدم باستمرار يضعُف ويتقلص تدريجيا وينتهي الأمر باختفائه. (قانون الاستعمال والإهمال).

القانون الثاني: كل شيء أرادته الطبيعة أفرادا كي يكتسب بتأثير الظروف التي يمر بها جنس أو نوع هؤلاء الأفراد صفات بطول التعرض لهذه الظروف، أو يفقد بتأثير هذه الظروف نفسها صفات أخرى، وعلى هذا فتأثير الاستخدام السائد (المهيمن أو الغالب) للعضو أو بتأثير عدم استخدامه ينتقل بالوراثة إلى أفراد جديدين ينحدرون منه، والتغييرات