معصوم إذا تحدث في أمور العقيدة والأخلاق لأنه الرّأس الرسمي للكنيسة التي أسسها المسيح. وعلى هذا فقد أعلن ميستر عصمة البابا قبل أن تعلنها الكنيسة نفسها كجزء من الإيمان الكاثوليكي بنصف قرن. لقد اعترت الدهشةُ البابا نفسه ووجد الفاتيكان من الحكمة أن يعارض المبالغين في سيادة البابا Ultramontanists الذين يعلنون مزاعم مُرْبكة عن السيادة السياسية للباباوية.
وباستثناء هذه النقطة الأخيرة وبعض المبالغات الأخرى التي يمكن أن تدعو للابتسام (المقصود السخرية) فإن المحافظين في أوروبا رحبوا بدفاعه العنيد عن وجهات نظرهم، وأثنى عليه كل من شاتوبريان وبونال Bonald ولاميني Lamennais ولامارتين. بل وحتى نابليون اتفق معه في بعض المسائل - نزوع الملك لويس السادس عشر للخير وخسّة قاتليه، وتجاوزات الثورة، وضعف العقل وسهولة وقوعه في الخطأ وتهافت الفلاسفة، وضرورة الدين، وقيمة التراث وأهمية السلطة، وضعف الديمقراطية، وكون الملكية المطلقة والوراثية أمراً مرغوباً فيه، وكون الحرب مفيدة للتقليل من عدد السكان (الخدمات البيولوجية للحرب) …
وكان الأمر بالنسبة لأعداء نابليون الذين لا يزالون في الحكم أنهم شعروا أنَّ في فلسفة ميستر المستقيمة بعض الأسباب المعقولة تحتم عليهم الإطاحة بهذا الكورسيكي مُحْدث النعْمة (نابليون) وريث الثورة التي هدّدت كل ملكيّات العالم. لقد كانوا يؤمنون في قرارة أنفسهم أنهم لم يكونوا أبداً قادرين (ولن يقدروا) على أن يبرّروا لرعاياهم: لماذا قبلوا وهم الملوك الذين ورثوا الملك كابرا عن كابر، وهم أباطرة أوروبا وارستقراطييها - أعباء الحكم وأخطاره وطقوسه بينما كان مارا Marat وروبيسبير وبابيف Babeufs يتهمونهم بعدم الرحمة باستغلال العوام الأبرياء بدعوى الحق الإلهي للملوك، مستغلِّين كل المزايا (محقّقين كل المكاسب) من النظام الاجتماعي (السائد) مبتلعين كل خيرات الأرض، وكيف كانوا يقتلون رعاياهم ويذبحونهم بدعوى هذا الحق نفسه (حق الملوك الإلهي).
أما الآن وبعد كتابات ميستر Maistre فقد ظهرت عقيدة يستطيع في ظلها أن يتحد كل حكام أوروبا الشرعيون لإعادة النظام القديم في بلدهم ولشعوبهم، بل وحتى لفرنسا البربرية غير المتسامحة قاتلة الملوك خائنة ربها المتخلّية عنه.