تراخيص للحانات والخمارات، ليبقى السُّكر في أضيق الحدود لينفق فيه الأثرياء الأغبياء أموالهم وأقام أوين مدارس لم تحجُر عليها الدولة يُعلِّم فيها الناشئة كل شيء مفيد إلا الخرافات - وهو يقصد اللاهوت المسيحي، ومع هذا فقد كان المسمى الرسمي للرجل أنه مسيحي.
أما موقف الدولة من الكاثوليكية فلم يكن مسألة خلاف عقائد في المقام الأول، وإنما كان مسألة - في الأساس - ذات بُعد وطني، فكيف يكون ولاء الكاثوليكي لملك بريطانيا بينما هو يقسم يمين الولاء لملك آخر هو الحَبْر الجليل في روما وكان هذا البابا صاحب سلطة زمنية إلى جانب سلطانه الديني؟!
والمؤلف يربط فصول كتابه كلها بمجريات الأمور في فرنسا، فهو عندما يتناول في الفصل الثاني والعشرين، الشعراء المتمردين وعلى رأسهم لورد بايرون يبيّن لنا تعاطف هؤلاء الشعراء في فترة من الفترات مع مبادئ الثورة الفرنسية ودستورها، ولكنه يُبيّن لنا أيضاً كيف تراجعوا عن هذا التأييد عندما أكلت الثورة أبناءها، وأقامت المذابح. وقد أورد المؤلف تفاصيل حياة الشخصيات التي يُترجم لها مما قطع في بعض الأحيان تسلسل العرض التاريخي، لكن هذا قد يكون مفيدا للراغبين في تتبع حياة هؤلاء المشاهير، فقراءة هذا الكتاب تحتاج إذن إلى صبر وجُهد إن أراد القارئ العام متابعته، لكنه لا يخلو من أفكار طريفة تتخلل عرضه الرتيب أحياناً.
وقد ركزت عند ترجمة هذا الكتاب على المعاني وأضفتُ بعض التعليقات البسيطة الشارحة، ففي التعليقات التي أوردتها عند ترجمة الكتابين السابقين ما لا داعي لتكراره هنا. ومن العدل والصدق أن أنوه هنا مرة أخرى، بفضل المجمع الثقافي، وعلى رأسه الأستاذ محمد السويدي باختيار هذه الكتب المفيدة لتقديمها إلى القارئ العربي.