للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والانتقاد القاسي flogging. والتكدير أو إلزام التلاميذ الصغار على خدمة الطلاب الآخرين ممّن هم أكبر سناً. وكان نظّار المدارس يجلدون الذين يرتكبون مخالفات كبيرة، أما إجبار التلاميذ الصغار على خدمة من هم أكبر فتعني أن يقوم التلاميذ في الصفوف الدنيا بأداء خدمات صغيرة لطلاب الصفوف الأعلى: ينقلون رسائلهم، وينظفون أحذيتهم ويعدّون لهم الشاي، ويحملون كُراتهم ومضارب الكريكت cricket bats الخاصة بهم، ويتحمّلون تنمّرهم صابرين، وكانت النظرية الكامنة وراء هذا الأسلوب هي أن على المرء أن يتعلّم كيف يُطيع حتى يكون صالحاً لإصدار الأوامر.

وكانت النظرية السائدة في الجيش والبحرية أيضاً قائمة على الجَلْد والانتقاد الشديد وقيام من هم أدنى رُتبة بخدمة من هُم أعلى رتبة وتنفيذ الأوامر دون اعتراض الطاعة الصامتة (وعلى هذا فإن الانتصار الذي تحقَّق في الطرف الأغر وفي واترلو لم يكن نتيجة الجهود في ميدان القتال فحسب وإنما أيضاً نتيجة ما كان يجري في قاعات وفصول المدارس الثانوية الأهلية)، وإذا ما وصل طالب الصفوف الدنيا الذي كان يخدم طالب الصفوف العليا أصبح مستعداً للدفاع عن هذا النظام. وكان هناك بعض الديمقراطية في حضّانات الأرستقراطية هذه (أو بتعبير آخر في معامل تفريخ متعلّمي الطبقة الأرستقراطية: لقد كان كل الخَدَم fags (الطلاب الذين يخدمون من هم في الصفوف الأعلى) متساوين بصرف النظر عن الثروة والنّسب، وكان كل المتخرّجين (إذا تحاشوا التجارة) يعتبرون أنفسهم سواء، ويعتبرون غيرهم أدنى منهم درجة مهما كانت مواهبهم.

ومن مثل هذه المدارس التي يتخرّج فيها الطالب وهو عادة في الثامنة عشرة من عمره، يلتحق بأكسفورد أو كمبردج. وكانت هاتان الجامعتان قد انحدرتا عن وضعهما الممتاز في أواخر العصور الوسطى وعصر النهضة، ولم يكن جيبون Gibbon هو وحده الذي تأسف على الأيام التي قضاها في أكسفورد باعتبارها أياماً ضاعت في دراسات غير مجدية (رغم أنه استفاد كثيراً من دراسته للغتين؛ اللاتينية واليونانية) وتنافس بين الطلاب في المقامرة وشرب الخمر ومعاشرة البغايا. وكانت موافقة الكنيسة الرسمية شرطا للتقدم لإحدى هاتين الجامعتين. وكان المعلمون أو العمداء يقومون بالتدريس، وكان كل واحد يأخذ على عاتقه