القدر الكبير من المياه يصل إلى درجة الغليان دون استخدام نيران وقد أثبتت هذه التجربة أن الحرارة ليست جوهرا أو مادة وإنما هي أسلوب للحركة الجزيئية تتناسب في الدرجة مع كمية الجهد المبذول لإنتاجها. وكان هذا الاعتقاد سائدا منذ فترة طويلة لكن تجربة رمفورد كانت هي الدليل التجريبي الأول، كما أنها كانت طريقة (منهجاً) لقياس المعادل الميكانيكي للحرارة - أي كمية العمل المطلوبة لتسخين رطل من المياه درجة حرارية واحدة.
ويكاد يكون توماس يونج مثل مونتيني Montaigne في تباين اهتماماته. ولد في سنة ١٧٧٣ من أسرة على مذهب الكويكر Quaker في سومرست. لقد بدأ متعلقاً بالدين وانتهى مخلصا الإخلاص كله للعلم. وهناك ما يؤكد لنا أنه كان قد قرأ الكتاب المقدس المسيحي وهو في الرابعة من عمره وكان يستطيع الكتابة بأربع عشرة لغة وهو في الرابعة عشر من عمره وتم انتخابه وهو في الواحدة والعشرين من عمره كزميل في الجمعية الملكية، وفي الثمانية والعشرين كان يقوم بتدريس الفيزياء في المؤسسة الملكية، وفي سنة ١٨٠١ بدأ هناك التجارب التي أكدت - وطورت- فكرة هويجنز Huyghens عن الضوء كموجات لأثير افتراضي.
وبعد مناقشات طويلة أزاحت هذه النظرية بشكل عام - وليس على مستوى العالم - نظرية نيوتن Newton عن الضوء كإشعاع لجسيمات مادية، وقدم يونج أيضا فرضا مؤداه أن إدراك اللون يعتمد على وجود ثلاثة أنواع من الألياف العصبية في شبكية العين حساسة - على التوالي - للأحمر والبنفسجي والأخضر، وقد طور هيلمهولتس Helmholtz هذا الفرض فيما بعد. وقدم لنا أول وصف لحرج البصر (اللابؤرية أو اللا استجمية astigmatism) وضغط الدم والجاذبية الشعرية والمد والجزر وشارك بنشاط (١٨١٤) في فك رموز حجر رشيد. وقال مؤرخ طبي مثقف إنه كان أكثر الأطباء ثقافة وعلماً في عصره وأضاف هيلمهولتس قائلا "إنه كان أوضح الناس بصيرة".