يعمل العقل بشكل واع ويصل إلى أسمى درجات التعبير من خلال الخلق العبقري الواعي. لقد اقتبس كولردج بانطلاق كامل من شيلنج إلا أنه غالباً ما كان يهمل ذكر مصادره. لكنه اعترف بشكل عام بمن هو مدين لهم بأفكاره وأضاف قائلا: بالنسبة إلي يكفيني سعادة وشرفا إن نجحت في نقل فكر شيلنج بشكل واضح إلى أهل بلدي.
والأحد عشر فصلا الأخيرة من كتابه السابق ذكره (ترجمه أدبية .. Biographia) تقدم مناقشة فلسفية للأدب باعتباره إفرازا للخيال، وقد ميز بين الوهم fancy والخيال، فالوهم فانتازيا (أو خيال جامح) كما في حالة حورية الماء (المخلوق البحري الذي له جسد امرأة ورأس سمكة) بينما الخيال IMAGINATION (كتب كولردج الكلمة بحروف كبيرة / كابيتال هكذا) فهو توحيد واع بين أجزاء لتشكل كلا جديدا كما في حالة حبكة الرواية، وتصنيف كتاب، وخلق عمل فني أو صياغة نتائج العلوم في نسق (نظام) فلسفي.
هذا التصور (أو الإدراك) يصبح أداة لفهم - ونقد - أي قصيدة أو كتاب أو رسم أو سيمفونية أو تمثال أو عمارة؛ إلى أي مدى استطاع الشاعر أو الفنان أن يجعل مكونات عمله متناسقة أو بعبارة أخرى إلى أي مدى استطاع أن يصل بين الأجزاء بالأجزاء الأخرى المرتبطة بها أو ذات الصلة بها، لتحقيق معنى العمل ككل ولتجعله متماسكاً في كل واحد؟ إلى أي مدى نجح المنشئ في هذا وإلى أي مدى فشل؟ وفي هذه الصفحات قدم لنا كولردج الأساس الفلسفي للحركة الرومانسية في الأدب والفن.
وقد أنهى كتابه السابق ذكره بنقد حاد لفلسفة وردزورث، وطريقته الشعرية. هل حقيقة أن أسمى فلسفة في الحياة يمكن أن يجدها المرء في طرائق التفكير عند أبسط الناس؟ أحقا أن لغة هؤلاء البسطاء هي أفضل وسيلة شعرية؟ أليس هناك فارق جوهري بين الشعر والنثر؟ في كل هذه النقاط وجه كولردج نقده لوردزورث بشكل دمث لكنه حاد ومؤثر. وانتهى أخيرا بما يفيد ولاءه وتقديره لحكيم جراسمير كأعظم شاعر منذ ميلتون Milton.