ولعل الكاتبة في هذا قد أسرفت في تقديرها لمدى استطاعة الرجل أن يخلص في حبه، قالت:
"وكرت الأعوام، لكن الإمبراطور لم ينس فقيدته؛ وعلى الرغم من كثرة النساء اللائى جيء بهن له في القصر لعلهن يثرن اهتمامه، فقد أغضى عنهن جميعاً، مؤمناً بأن العالم كله ليس فيه امرأة واحدة تشبه فقيدته … ولم ينفك يشكو من القدر الذي لم يسمح لهما معاً بأن يفيا بالعهد الذي كانا يكررانه كلما أصبح صباح أو أمسى مساء، وهو أن تكون حياتهما كحياة الطائرين التوأمين اللذين يشتركان في جناح واحد، أو كحياة الشجرتين التوأمتين اللتين تشتركان في غصن واحد"(٢١).
وكبر "جنجي" وأصبح أميراً فاتناً، له من وسامة الشكل أكثر مما له من استقامة الأخلاق، فجعل يتنقل من غانية إلى غانية تَنَقُّل "توم جونز"، إلا أنه قد بذ في تنقله ذلك البطل المعروف في أنه لم يفرق بين ذكر وأنثى، فهو يمثل فكرة المرأة عن الرجل - كله عاطفة وكله إغراء، دائم التفكير ودائم الحب لهذه المرأة أو لتلك؛ وكان "جنجي" أحياناً "إذا ما ألمت به الملمات، يعود إلى بيت زوجته"(٢٢).
وترى الكاتبة "السيدة موراساكي" تقص لنا مغامراته بالتفصيل على نحو تحس فيه بفرحها برواية قصته، ملتمسة له ولنفسها العذر التماساً رقيقاً:
"إن الأمير الشاب كان ُيعَدُّ مهملاً لواجبه إهمالاً لا شك فيه، إذا لم يكن قد أسرف في "فلتاته" الكثيرة، وإن كل إنسان لا يسعه إلا أن يعد سلوكه هذا طبيعياً لا غبار عليه، حتى لو كان سلوكاً يعاب على عامة الناس … إنني في الحقيقة لأكره أن أقص بالتفصيل أموراً قد تحوط هو نفسه كل الاحتياط في إخفائها، لكني سأقص هذه التفصيلات، لأنني أعلم أنك لو وجدتني قد حذفت شيئاً، فستقول: لماذا؟ ألأن المفروض فيه أنه ابن إمبراطور،