وربما كان جمال الترجمة لهذا الكتاب هو الذي أضفى عليه هذه الروعة التي يمتاز بها من سائر الآيات الأدبية اليابانية التي ترجمت إلى الإنجليزية، ويجوز أن يكون مترجمه - وهو مستر ويلي - قد فاق الأصل بترجمته كما هي الحال مع فتزجرولد (في ترجمته لرباعيات الخيام)، فإذا ما تناسينا تشريعنا الخلقي برهة - أثناء قراءة هذا الكتاب - وسايرنا حوادث هذه القصة التي تجعل الرجال والنساء "يتلاقحون كما يتلاقح الذباب في الهواء" - على حد تعبير وردزورث في ولهلم مايستر - لوجدنا في "قصة جنجي" أروع لمحة في مستطاعنا اليوم، مما يتيح لنا رؤية ألوان الجمال المخبوء في الأدب الياباني، فإن كاتبته "موراساكي" قد كتبته بأسلوب طبيعي سلس، سرعان ما يجعل موضوعها مادة حديثة مع أصدقائه، فالرجال والنساء والأطفال بصفة خاصة، الذين يحيون على صفحات قصتها الطويلة ينبضون جميعاً بالحياة الصحيحة، والعالم الذي تصفه مصطبغ بصبغة الحياة الحقيقية التي نعيشها ونراها (١)، على الرغم من أنها كادت تحصر نفسها في القصور الإمبراطورية والدور الفخمة، إن الحياة التي تصفها هي حياة العلية التي لا تهتم كثيراً بما تتكلفه الحياة وما يتكلفه الحب من نفقات، لكنها في حدود تلك الحياة، تراها تؤدي الوصف أداء طبيعياً دون أن تضطر
(١) إن السيدة الكاتبة لتدخل بقصتها حتى في البيوت العادية دخول الفاهمة لدقائقها، وهي تجعل "أوكانو كامي" - وذلك حوالي سنة ١٠٠٠ - تعبر عن الرأي الحديث الذي يطالب للمرأة بحق التعليم: " وهناك كذلك الزوجة النشيطة التي - على الرغم من مظهرها - تلف شعرها وراء أذنها، وتكرس نفسها تكريساً تاماً لدقائق حياتنا المنزلية، والزوج في غدواته وروحاته حول العالم، لا بد أن يرى وأن يسمع أشياء كثيرة لا يستطيع أن يتحدث فيها لمن لا يعرفهم، لكنه يغتبط إذ يتحدث فيها إلى زوجته الحبيبة التي يمكنها أن تصغي إلى ما يقوله لها إصغاء المشاطرة لشعوره الفاهمة لعقله، والتي يمكنها أن تضحك معه إذا ضحك، وتبكي إذا بكى، وكذلك كثيراً ما يحدث من أحداث السياسة ما يغمه أو يمتعه متعة كبرى وعندئذ تراه ينفرد في جلسته مشتاقاً أن يتحدث في الأمر إلى صديق، فلا تزيد زوجته على قولها له: "ماذا بك" ثم لا تأبه له، فيكون انصرافها هذا عنه أكبر ما يسيء إليه"