للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طيبة. لقد كتب في ألبوم أحد أصدقائه في ٢٢ مايو ١٧٩٣ مستخدما كلمات شيلر Schiller في مؤلفه دون كارلوس Don Carlos: " إنني لست شريرا - فالدم الحار هو خطئي - إن جريمتي أنني شاب … فرغم أن الانفعالات والعواطف الجياشة قد تخدع قلبي وتخرجه عن جادة السبيل، إلا أن قلبي طيب". وقرر أن يفعل كل ما يقدر عليه من الخير، وأن يحب الحرية قبل أي شيء آخر، وألا ينكر الحق حتى أمام العرش.

وأخضع مصروفاته لتكون في الحد الأدنى خاضعا لأحكام الضرورة: بالنسبة إلى شهر ديسمبر سنة ١٧٩٢، ١٤ فلوريناً (نحو ٣٥ دولاراً؟) للإيجار، ستة فلورينات لتأجير بيانو، الأكل، في كل وجبة ١٢ كروزر Kreuzer (ستة سنتات) وجبات مع نبيذ ٦،٥ فلورين florins (١٦،٢٥ دولار؟؟)، وثمة أوراق أخرى للتذكرة تدرج هايدن (كتبها بيتهوفن Haiden) باعتبار أن تكاليف الدروس التي يتلقاها بيتهوفن على يديه في أوقات مختلفة تبلغ جروشين two groschen (بنسات قليلة)، ومن الواضح أن هايدن لم يكن يطلب إلا القليل لقاء دروسه. وقد قبل التلميذ (بيتهوفن) لفترة تصويبات أستاذه بتواضع لكن مع استمرار الدروس وجد هايدن أنه من المستحيل أن يقبل ابتعاد بيتهوفن عن قواعد التأليف الموسيقي التقليدية.

وقرب نهاية سنة ١٧٩٣ هجر بيتهوفن أستاذه العجوز وراح يتردد ثلاث مرات في الأسبوع لدراسة فن مزج الألحان (الكونتربوينت Counterpoint) على يد جوهان جورج البرختشبيرجر Albrechtsberger وهو رجل حقق شهرة معلماً أكثر منه مؤلفاً موسيقياً. وفي الوقت نفسه كان يدرس لثلاثة أيام في الأسبوع آلة الفيولين مع إجناز (إجناتس) شبانتزج Ignaz Schuppanzigh وفي سنة ١٧٩٥ كان قد أخذ كل ما يحتاجه من ألبرختشبيرجر فتردد على أنطونيو ساليري Salieri الذي كان وقتها مديرا لأوبرا فيينا لدراسة التأليف الموسيقي للأصوات.

ولم يكن ساليري يتلقى شيئا من التلاميذ الفقراء. وقدم بيتهوفن نفسه له كفقير فقبله. وقد وجده كل هؤلاء المدرسين الأربعة تلميذا صعب المراس تندفع منه أفكار خاصة به ويرفض أن يشكل نفسه على وفق النظرية الموسيقية التي يقدمها له معلموه. ويمكننا أن نتخيل الرعدات (الإرتجافات) التي كانت تعتري بابا