القادر على التفكير في قوانين الكون. وكارل ماركس الذي عرف هيجل في الأساس من خلال كتاباته، حوّل الحركة الدياليكتيكية للمقولات الهيجلية إلى تفسير اقتصادي للتاريخ جعل فيه صراع الطبقات (النص حرب الطبقات) محل الأبطال، باعتبار هذا الصراع هو أداة التقدم الرئيسية. وأصبحت الاشتراكية هي الجمعية Synthesis الماركسية للرأسمالية وتناقضاتها الداخلية.
وتضاءلت شهرة هيجل لفترة حين اجتاحت آلام شوبنهاور التهكمية المسرح الفلسفي. وتاه فلاسفة التاريخ مع تقدم الدراسات التاريخية. وبدت الهيجلية تموت في ألمانيا لكنها بُعثت من جديد في بريطانيا العظمى مع جون John وإدوارد كيرد Edward Caird وت. هـ. جرين T. H. Green وج. م. إ. مكتجارت J. M. E. McTaggart وبيرنارد بوسانكت Bernard Bosanquet. وعندما ماتت (الهيجلية) في إنجلترا بُعثت من جديد في الولايات المتحدة. وربما ساعدت عبادة هيجل للدولة (أي توقيره الشديد لها) على تمهيد الطريق لبسمارك Bismarck وهتلر Hitler . وفي هذه الأثناء وجد كل من سورن كيركجارد Soren Kierkegaard وكارل جاسبرز Jaspers ومارتن هايدجر Heidegger وجان - بول سارتر في أفكار هيجل ملاحظات وإشارات حاسمة عن التنافس البشرى في عالم بعيد عن التوجيه الإلهي، فأصبح هيجل أباً روحياً للوجودية.
وباختصار فإن عصر جوته وبيتهوفن وهيجل كان إحدى الذرى في تاريخ ألمانيا. لقد وصلت ألمانيا أو كادت إلى ذُرى لا تقل عن ذرى سبقت في عصر النهضة الأوربية (الرينيسانس Renaissance) وعصر الإصلاح الديني الأوربي Reformation، لكن حرب الثلاثين عاما حطمت الحياة الاقتصادية والفكرية للشعب وجعلت روح ألمانيا قاتمة وكادت تطرح اليأس على الروح الألمانية طوال قرن. وشيئاً فشيئاً وببطء أدى النشاط والحيوية الكامنان في روح هذا الشعب، والصبر الرواقي stoic patience (الراضي بالواقع) الذي تتحلى به الألمانيات، وعمق الموسيقى الألمانية وقوتها ومهارة الحرفيين في ألمانيا ونشاط التجار - إلى إعداد ألمانيا لتلقي التأثيرات الأجنبية وهضمها وتحويلها ليتفق مع الذوق الألماني والشخصية الألمانية، ومن أمثلة هذا هضم الألمان لشكسبير وأشعار إنجلترا الرومانسية، وهضمهم لحركة التنوير Enlightenment والثورة الفرنسية. لقد طوّرت وعدّلت فولتير إلى جوته وفيلاند Wieland، وطوّرت وعدّلت روسّو إلى شيلر وريختر