للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لـ "هيديوشي" بمثابة "استينوس" أو "فيدياس"، لكنه زخرف له مبانيه بما هو أقرب إلى فخامة البندقية منه إلى الاعتدال اليوناني، فما شهدت اليابان قط، بل ما شهدت آسيا قبل ذاك مثل هذا الزخرف الفاخر، وكذلك حدث في عهد "هيديوشي" أن بدئ في "حصن أوساكا" المتجهم، حتى تشكلت صورة البناء، وأريد بذلك الحصن أن يشرف على موقع هو في اليابان بمثابة "بتسبرج"، وأن يكون مقبرة لولده.

وأما "أيياسو" فقد كان أميل إلى الفلسفة والأدب منه إلى الفنون، لكن حفيده "أبيمتسو" - الذي اكتفى بكوخ من الخشب يتخذ منه قصراً لنفسه - راح ينفق بسخاء من ثروة اليابان وفنها، ليبني حول رفات "أيياسو" في "نكو" أجمل بناء تذكاري شيد من أجل فرد واحد في أرجاء الشرق الأقصى، ففي هذه البقعة التي تبعد عن طوكيو تسعين ميلاً، وعلى قمة تل هادئ تبلغها بطريق مظلل مزدان بالقباب الفخمة، في هذه البقعة بنى مهندسو العمارة الذين استخدمهم الحاكم العسكري، سلسلة من المداخل الفسيحة المدرجة، بنوا تلك المداخل بادئ ذي بدء، ثم عقبوا عليها ببوابة مزخرفة لكنها رائعة، وهي المعروفة باسم "يو - مي - مون"، ثم أقاموا على مجرى مائي جسراً مقدساً حرام لمسه، ثم سلسلة من المقابر والمعابد أقاموها بالخشب المبطن "باللاكيه" وهي تمتاز بجمال الأنوثة وضعفها، فالنقوش فاخرة إلى حد الإسراف والبناء نفسه ضعيف، وترى لون الطلاء الأحمر فاقعاً حولك حيثما أدرت البصر، كأنه مسحوق الزينة الأحمر على شفاه امرأة بالغت فيه، تراه فاقعاً وسط أخضر الأشجار الباهتة، ومع ذلك فلنا أن نقول إن بلداً يزدهر بالأزهار كل ربيع، قد يكون أحوج إلى ألوان ساطعة للتعبير عن مشاعره، من بلد أقل اضطراماً في عاطفته يقنعه ويرضيه ما هو أقل من ذلك سطوعاً.

وليس في وسعنا أن نقول إن هذه العمارة جبارة، لأن شيطان الزلازل قد