هارب كمستشار آخر له (نوفمبر ١٨٠١) لمساعدته في تحديد سياساته والتنسيق بين عناصرها. وكان هناك تحت هذه الأجهزة التنفيذية، مجلس (سينات) نبلاء ذو سلطات تشريعية وقضائية، لمراسيمه وقراراته Ukases قوة القانون إذا لم يعترض عليها القيصر. وظلت إدارة الولايات في أيدي معينين من قبل الحكومة المركزية.
وكل هذه التنظيمات تشبه التنظيمات الإمبراطورية في ظل نابليون باستثناء أن مجلس النواب كان في ظل نابليون يتم اختيار أعضائه بالانتخاب، كما أنَّه القَنانة ظلت موجودة في روسيا ولم يكن للأقنان (عبيد الأرض) أيُّ حقوق سياسية، وكان مستشارو إسكندر في أعوام حكمه الأولى من الليبراليين المتعلمين تعليماً جيداً، لكنهم كانوا "خاضعين لطبيعة الأشياء أو لأحكام الضرورة" على حد تعبير نابليون. فقد بدت الحقوق rights في هذه الظروف مجرد أوهام في مواجهة الضروريات، في أمة ٩٠% من أهلها فلاحون أشداء أميون لا يتوقع منهم أحد أن يفكروا لأبعد من القرى التي يعيشون فيها سواء من ناحية الاقتصاد أو التنظيم السياسي أو الإنتاج والتوزيع أو الدفاع.
لقد كان إسكندر مُذْعناً لنظام النبالة القوي حيث كان للنبلاء تشكيلاتهم التنظيمية الخاصة، ونظامهم المحلِّي لتسيير أمور الزراعة والقضاء والشرطة والصناعات الريفية. وكانت القنانة (عبودية الأرض) عميقة الجذور راسخة عبر الزمن حتى إن القيصر لم يكن يجسر على مهاجمتها خوفاً من قَلْقَلة النظام الاجتماعي وضياع عرشه. وكان إسكندر يتلقّى شكاوى من الفلاحين، وكان في حالات كثيرة يُنزل عقوبات قاسية بملاَّك الأراضي المذنبين لكنه لم يكن يستطيع أن يقيم على مثل هذه الحالات برنامجاً لتحرير رقيق الأرض.
لقد كان لابد من مرور ستين عاماً قبل أن يستطيع إسكندر الثاني تحرير رقيق الأرض في روسيا (قبل إعلان لينكولن Lincoln إلغاء الاسترقاق بعامين). ولم يجد نابليون - الذي عاد من روسيا مهزوماً (١٨١٢) أن إسكندر قد أخطأ في هذا الاتجاه لقد قال نابليون لكولينكور Caulaincourt:
" إن إسكندر ليبرالي جداً، وهو ديمقراطي جداً بالنسبة إلى الروس .. فهذه الأمة تحتاج لقبضة حديدية .. وسيكون أكثر ملائمة لو حكم أهل باريس .. إنه ودود مع النساء، مجامل مع الرجال … ،