وعن هؤلاء الملايين من الشباب الذين قضوا نَحْبهم ولم يستفيدوا شيئا سوى نشوة المعركة وخُدارها، وملايين النسوة اللائي لم يعد إليهن ذووهن؟ فلنسمعه (أي نسمع نابليون). لقد اعترف أنه كان يسعد بالقيادة العسكرية (بكونه جنرال) لأنه كان قد تدرب على الفن العسكري ومارسه ممارسة جيدة، لكن كيف كان غالبا ما يتطلّع للخلاص من الحرب لممارسة أحد فنونه الأخرى - الإدارة تحويل الفوضى (الهيولى) السائدة في الحياة إلى نظام فعّال بتأسيس بنية قانونية قوية وقاعدة أخلاقية متينة! كم مرة عرض السلام فووجه بالتسفيه والاحتقار والرفض!
لقد رحب به الإيطاليون كمحرّر سواء في عام ١٧٩٦ أو في عام ١٨٠٠. وأعاد النمساويين، ضمّهم (إخضاعهم) عندما كان (أي نابليون) في مصر. وهاجمه النمساويون بينما كان مشغولا عند القنال الإنجليزي، وانضمت بروسيا وروسيا إلى هذا الهجوم دون أن يكون قد ألحق بأيّهما ضررا. وهاجمته النمسا مرة أخرى بينما كان يحارب في إسبانيا، ونقضت روسيا عهدها فلم تدعمه في مثل هذا الموقف، وتعهّدت روسيا في تيلسيت أن تُحكم الحصار القاري على البضائع البريطانية وكان هذا الحصار (المضاد) الذي فرضه نابليون هو السبيل الوحيد أمام فرنسا لمواجهة الحصار البريطاني للموانئ الفرنسية، واستيلاء البريطانيين على السفن الفرنسية والمستعمرات الفرنسية.
وكان الذهب البريطاني قد موّل تحالفاً إثْر تحالف ضد نابليون حتى عندما جنح أعداؤه الآخرون للسلم، وعاملته الحكومة البريطانية كمجرم رغم تسليمه نفسه طوْعا، بينما كان هو نفسه يعامل ضباط الأعداء المأسورين في أثناء المعارك بمودة وإنسانية. لقد قرر أعداؤه تدميره لأنه وصل للملك بجهده وعمله وليس بالوراثة. وهكذا جرى دفاع نابليون. لقد اتفق المؤرخون الإنجليز (عادة ما كانوا عادلين) والمؤرخون الألمان (عادة ما كانوا دقيقين) وكثير من المؤرخين الفرنسيين (عادة ما كانوا وطنيين) مثل ميشيل Michelet ولانفري Lanfrey وتين Taine وليفيبفر Lefebvre - على إدانة الكورسيكي Corsican .
لقد اغتصب العرش إذ استفاد من إعدام لويس السادس عشر وانهيار حكومة الإدارة الفاسدة ليستولي على عرش هو حق للويس الثامن عشر. مثل هذا الاغتصاب لا يمكن التسامح فيه طالما كان يقلقل الاستقرار السياسي العزيز على كل أمم أوربا. ولم تكن مطالباته بمؤتمرات سلام تؤخذ على محمل الجد طالما كان