براقة كشعور الإيطاليين وعيونهم في وقتنا الحاضر. ولا جدال في أن هؤلاء الكريتيين فرع من جنس "البحر الأبيض المتوسط"(١)؛ والرجال منهم والنساء يرسلون شعرهم، بعضه معقوص فوق رؤوسهم وأعناقهم، وبعضه في حلقات فوق جباههم، وبعضه الآخر في غدائر تنوس على أكتافهم أو صدورهم. ويضيف النساء إلى ذلك أشرطة في غدائرهن، أما الرجال فكانوا يصطحبون معهم حتى في قبورهم طائفة من شفرات الحلاقة ليحتفظوا بوجوههم حليقة نظيفة حتى في القبور.
وليست ملابسهم بأقل غرابة من أجسامهم، فقد كان الرجال يضعون على رؤوسهم- إذا وضعوا شيئاً عليها لأنهم كانوا في أغلب الأحيان يتركونها عارية- عمائم أو قبعات عراضاً، وكان النساء يلبسن قبعات فخمة من طراز القبعات التي كانت منتشرة في بداية القرن العشرين. وكانوا في العادة حفاة الأقدام، عدا أفراد الطبقات العليا، فقد كانوا أحياناً ينتعلون أحذية بيضاء من الجلد، كانت عند النساء مزركشة جميلة في أطرافها، مزينة سيورها بالخرز. ولم يكن الرجال في العادة يلبسون شيئاً على أجسامهم فوق وسطهم، أما في أوساطهم فكانوا يلبسون تنورات قصيرة، أو مناطق تكون أحياناً منتفخة من الأمام تأدباً وأحتشاماً. وقد تكون "التنورة" مفتوحة من الجانبين عند العمال، أما عند العظماء وفي الحفلات فكانت تطول حتى تصل إلى الأرض عند الرجال والنساء على السواء. وكان الرجال يلبسون السراويل أحياناً، وكانوا في الشتاء يلبسون رداء خارجياً طويلاً يتخذ من الصوف أو الجلد. وكانت الملابس تربط ربطاً محكماً في وسط
(١) يقسم علماء تاريخ الإنسان الطبيعي الأوربيين بعد العصر الحجري الحديث إلى الأقسام الثلاثة الآتية التي كانت لها على الترتيب الكثرة الغالبة في شمال أوروبا ووسطها وجنوبها، وهي: (١) "الجنس النوردي" أي الشمالي وأفراده طوال الرؤوس، طوال القامة، بيض البشرة شقر الشعر ملح العيون. (٢) "الجنس الألبي" وأفراده عراض الرؤوس، متوسطو القامة، عيونهم عسلية وبشرتهم ضاربة في السمرة. (٣) "جنس البحر الأبيض المتوسط" وأفراده طوال الرؤوس قصار القامة سمر البشرة. وجدير بنا أن نعرف أنه لا يوجد من هذه الأجناس جنس خالص نقي.