تدريب الأطفال وتنظيم الجنسين: وتلقين الشرف والحشمة وقواعد السلوك والولاء؛ وكذلك وضعت أسس الدين؛ واستخدمت آماله ومخاوفه في تأييد الأخلاق وتدعيم المجتمع؛ وتطور الكلام إلى لغات معقدة، وظهرت الجراحة وظهر الطب، وبَدَت بوادر متواضعة للعلم والأدب والفن؛ وفوق هذا كله كانت هذه المرحلة صورة لعهد تم فيه إبداع عجيب، فنظام يُخلق من فوضى، وطريق بعد طريق يُشَقُّ من حياة الحيوان لينتهي إلى الإنسان الحكيم؛ فبغير هؤلاء "الهمج" وما أنفقوه من مائة ألف عام في تجريب وتحسُّس، لما كتُب للمدنيَّة النهوض؛ فنحن مَدِينون لهم بكل شيء تقريباً - كما يرث اليافع المحظوظ، أو إن شئت فقل كذلك إنه اليافع المتحلّل، كما يرث هذا اليافع سبيله إلى الثقافة والأمن والدّعة، من أسلاف أمّيّين وَرَّثوه ما ورَّثوه بكدحهم الطويل.