الأقاصيص اليونانية في قصة أمير أثيني حسد ابن أخيه لمهارته، فقتله في ساعة من ساعات غضبه، ونفي القاتل نفياً أبدياً من بلاد اليونان عقاباً له على قتله. فلجأ ديدلوس الطريد إلى قصر مينوس، وأدهش الملك بمهارته في اختراع الآلات وغيرها مما لا عهد له به فقر به وجعله كبير فنانيه ومهندسيه. وكان ديدلوس مثالاً حاذقاً، وقد استخدمت الأقاصيص اسمه فجعلته رمزاً على انتقال فن النحت من الأشكال الجامدة الميتة، إلى صور الأناس الأحياء. ويحدثنا القصاصون بأن التماثيل التي صنعها كانت شديدة الشبه بالأحياء، حتى لقد كانت تقف على أقدامها وتمشي إذا لم تشد إلى قواعدها. ولكن مينوس غضب على ديدلوس حين علم بما كان له من يد في عشق باسيفائية، فحبسه هو وابنه إيكاروس Icarus في تبة اللابرنث، فما كان من ديدلوس إلا أن صنع له ولابنه إيكاروس أجنحة استطاعا بها أن يقفزا من فوق الجدران ويطيرا فوق البحر المتوسط، غير أن إيكاروس لم يأبه بنصيحة أبيه فاقترب من الشمس أكثر مما ينبغي، وأذابت أشعتها الحارة ما على جناحيه من الشمع فغرق في البحر، وتلك خاتمة تزدان بها القصة وتكسبها مغزى أخلاقياً. وأصبح فؤاد ديدلوس فارغاً بعد موت ولده، فنزل في صقلية، وبعث في هذه الجزيرة حضارة عظيمة بعد أن نقل إليها ثقتفة كريت الصناعية (١) والفنية.
وأشد من هذه القصة إثارة للشجن قصة تسيوس وأدريدني. وخلاصتها أن مينوس بعد أن انتصر في حرب على أثينة الناشئة الفتية، فرض على هذه
(١) يعزو بوسنياس Pausanias أول من وضع أدلة السياح، إلى ديدلوس كثيراً من التماثيل معظمها من الخشب، كما يعزو إليه نقشاً على الرخام يمثل أدريدني وهي ترقص، ويقول إنها كلها كانت موجودة في القرن الثاني بعد الميلاد، ولم يشك اليونان يوماً من الأيام في أن ديدلوس شخص حقيقي؛ وإن تجارب شليمان لتجعلنا نتشكك. وليس سهلاً على العلماء في جيل من الأجيال من أن يرفضوا الروايات القديمة، ثم يأتي من بعدهم جيل آخر فيؤيدها أقوى تأييد.