للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليه الباب، وبسط الكنز الثمين أمامه على المنضدة، ووصل ما بين كل قطعة منه وبين فقرة في شعر هومر، وحلى رأس زوجته بجوهرة قديمة، وأرسل إلى أصدقائه في أوربا يبلغهم أنه كشف عن "كنز بريام" (٩). لكن أحداً منهم لم يصدقه، واتهمه بعض النقاد بأنه وضع بنفسه الأشياء التي كشفها في المكان الذي استخرجها منه، ورفع الباب العالي في الوقت نفسه قضية عليه يتهمه بالاستيلاء على الذهب من أرض تركية. لكن بعض العلماء أمثال فرشاو Virchow، ودوربفلد Dorpfeld وبرنوف Burnouf هرعوا إلى موضع الحفر، وحققوا أقوال شليمان، وواصلوا العمل معه حتى كشفوا عن طروادة مدفونة بعد طروادة؛ ولم تبق المشكلة القائمة بعدئذ هل كانت هناك طروادة أو لم تكن، بل أصبحت محصورة في أي الطروادات التسع التي كشفت هي التي تطلق عليها الإلياذة اسم إليوس.

وفي عام ١٨٧٦ اعتزم شليمان أن يحقق ملحمة هومر من ناحية أخرى - وهي أن يثبت أن أجممنون كان هو أيضاً شخصاً حقيقياً. واسترشد في عمله بوصف بوسيناس القديم لبلاد اليونان (١)، فاحتفر أربعاً وثلاثين فجوة في ميسيني الواقعة في شرقي البلوبونيز. وقطع عليه الموظفون الأتراك عمله بأن طالبوه بنصف الكنوز التي كشفها في طروادة؛ ولم يشأ هو أن يترك "كنز بريام" في تركيا مختفياً عن الأنظار، فأرسله سراً إلى متحف الدولة في برلين، وأدى للباب العالي خمسة أمثال ما طلبه إليه من تعويض، وواصل أعمال الحفر في ميسيني. وكان النجاح في هذه المرة أيضاً حليفه، ولما أن أبصر عماله يحملون إليه هياكل بشرية، وفخاراً، وجواهر، وأقنعة ذهبية، أبرق إلى ملك اليونان يقول إنه كشف قبري أتريوس وأجمنون (١٠). وفي عام ١٨٨٤ انتقل إلى تيرينز Tiryns واسترشد في عمله هنالك


(١) لقد طاف بوسنياس ببلاد اليونان في عام ١٦٠ م ووصفها في كتابه المسمى Periegosis أي الرحلة.