محزناً، قد يفسره شليمان، وهو الذي لا يعدم وسيلة لتفسير كل ما يراه، بأنه اسم ميسيني (٢٧). وأجمل ما وجد في تبرينز وميسيني من آثار معدنية خنجران من البرنز مرصعان بمزيج من الذهب والفضة، ومصفحان بالذهب المجلو المصقول، وعليهما نقوش تمثل قططاً برية تطارد بطاً، وأساداً تطارد فهاداً أو تحارب أناسي (٢٩). وأغرب من هذه كلها الأقنعة الذهبية التي كانت على ما يظهر تغطي بها وجوه الموتى من الملوك. ويشبه أحد هذه الأقنعة وجه قطة؛ وقد دفعت شليمان شهامته إلى أن يعزو هذا القناع لأجممنون لا لكليتمنسترا.
ولكن أروع روائع الفن الميسيني بلا جدال لم يعثر عليها في تيرينز ولا في ميسيني، بل عثر عليها في قبرص ففيو Vaphio بالقرب من إسبارطة، حيث كان أحد صغار الأمراء ينافس ملوك الشمال في التفاخر والعظمة. وقد عثر في ذلك المكان، بين كنز آخر من الحلي، على قدحين من الذهب المطروق بسيطين في شكلهما ولكنهما بذل في صنعهما كل ما يستطيع الفنان المحب لفنه العظيم أن يبذله فيه من الصبر والإتقان. وتشبه صناعة هذين القدحين أحسن الصناعة المينوية، وقد أغرى ذلك بعض العلماء على أن يعزوهما إلى فنان كريتي عظيم بلغ من المنزلة في كريت ما بلغه سليني عند الإيطاليين. ولكننا يحزننا أن تحرم الثقافة الميسينية أحسن ما خلفت من آثار. نعم إن موضوع النقوش التي على القدحين - وهو اقتناص ثور وترويضه - يبدو من الموضوعات التي اختصت بها كريت؛ ولكن كثرة هذا المنظر وأمثاله محفورة على الخواتم والأختام الميسينية، أو مصورة على جدران القصور، تشهد بأن مصارعة الثيران كانت منتشرة في أرض اليونان انتشارها في الجزيرة. وقد نقش على أحد القدحين منظر القور وقد صيد في شبكة من الحبال السميكة، وفتح فاه ومنخريه وهو لا يكاد يستطيع التنفس من شدة