للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهومرية منه في أيام بركليز. فهي تضطلع بدور رئيسي في القصص والملاحم من خطبة بلبس لهبوداميا Hippodameia إلى رقة إفجينيا وحقد إلكترا. فلا الحجاب ولا البيت بمانع لها من الخروج، بل نراها تسير حرة بين الرجال والنساء على السواء، وتشترك أحياناً في مناقشات الرجال الجدية كاشتراك هلن مع منلوس وتلمكس. ولم يكن الزعماء الآخيون إذا أرادوا أن يستثيروا غضب الشعب على طروادة يلجئون إلى المبادئ السياسية أو العنصرية أو الدينية، بل كانوا يستثيرونه بجمال النساء؛ ومن أجل ذلك كان وجه هلن الجميل هو الحجة التي تذرعوا بها لإثارة حرب تهدف إلى امتلاك الأرض وإلى التجارة؛ ولولا المرأة لكان بطل هومر جلفاً فظاً ليس له هدف يعيش من أجله، فهي تعلمه شيئاً من الأدب والمثالية ودماثة الأخلاق.

وكان الشراء طريقة الزواج، وكان الثمن عادة أثواراً أو ما يساويها يؤديه الخطيب إلى والد الفتاة. ويحدثنا الشاعر عن "العذراء حالبة الماشية" (٥٦). ولم يكن الخطيب وحده هو الذي يؤدي ثمن العروس، بل كان والدها يؤدي لها أحياناً بائنة قيمة. وكانت حفلة الزفاف عائلية واجتماعية معاً، وكان من مظاهرها كثرة الطعام، والرقص والمرح الذي تنطلق فيه الألسنة. "وكانوا يسيرون بالعروسين في وهج المشاعل من حجراتهما ويخترقون بهما المدينة وسط أغاني العرس العالية. وكان الشبان يرقصون وهم يدورون، وتعلو بينهم نغمات الناي والقيثارة (٥٧) " - ألا ما أشبه الليلة بالبارحة. ومتى تزوجت المرأة أصبحت من فورها ربة بيتها ونالت من التكريم بقدر ما تنجب من الأبناء. وكان الحب بمعناه الحقيقي - أي بوصفه حناناً وشوقاً - يأتي إلى اليونان كما يأتي إلى الفرنسيين بعد الزواج لا قبله، فلم يكن هو الشرارة التي تنطلق باتصال جسمين أو تقاربهما، بل كان ثمرة الاشتراك الطويل في العناية بالبيت وشؤونه. وفي الزوجة الهومرية من الوفاء بقدر ما في زوجها