للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإلهة من أول الأمر إلى دين اليونان، وأضحت موسيقى الناي وما يصحبها من تهتك هي "الطراز الفريجي" الشائع بين عامة الشعب، والذي أقلق بال رجال الأخلاق اليونان. وعبر هذه الموسيقى العنيفة مضيق الهلسبنت من فريجيا إلى تراقية، واستخدمت في طقوس ديونيسس. وكان إله الخمر أهم ما أهدته تراقية إلى بلاد اليونان، ولكن مدينة تراقية هي أبدرا المتأغرقة أرادت ان تعوض بلاد اليونان عما أصابها بهذه الهدية فأهدت إليها ثلاثة من فلاسفتها هم ليوسبس Luecippus ودمقريطس Democritus، وبروتجراس Protagoras. وتراقية هي التي انتقلت منها طقوس ربات الشعر إلى بلاد اليونان، ولقد كان واضعو فن الموسيقى اليونانية نصف الخرافيين - أرفيوس، وموسايوس Mausaeus وثاميرس Thamyris- مغنين وشعراء تراقيين.

وننتقل بعدئذ من تراقية نحو الجنوب إلى مقدونية، وبذلك نكون قد أتممنا دراسة كل ما يحيط ببلاد اليونان من حضارات. ومقدونية بلاد جميلة المناظر الطبيعية، كانت أرضها في الزمن القديم غنية بالمعادن، وسهولها الخصبة تنتج الفاكهة والحب، وجبالها تنشئ أقواماً صلاباً قدر لهم فيما بعد أن يفتحوا بلاد اليونان، وكان سكان الجبال والفلاحون من أهلها من عناصر مختلفة، أهمها الإليريون والتراقيون، وربما كانت لهم صلات في الدم بالدوريين الذي فتحوا البلوبونيز. وكان حكامها الأشراف يدعون أنهم من نسل اليونان (ومن أبناء هرقل نفسه)، وكانوا يتكلمون لهجة يونانية. وكانت عاصمتهم الأولى إدسا Edessa تقع فوق هضبة واسعة بين السهول الممتدة إلى إبيروس وسلاسل الجبال التي تصل إلى بحر إيجة. وكان إلى الشرق منها مدينة بلا Pella التي أضحت فيما بعد عاصمة فليب والإسكندر؛ وبالقرب من البحر مدينة بدنا، التي هزم فيها الرومان المقدونيين الفاتحين وكسبوا بعد هذه الهزيمة حق نقل حضارة اليونان إلى العالم الغربي.