للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما استولى عليه أمثاله من الطغاة، بأن تزعم طبقة التجار الآخذة قوتها في الازدياد بعد أن ضموا إليهم العامة مؤقتاً ليسهل عليهم الوصول إلى غرضهم - وهو مقاومة سلطان الأشراف ملاك الأراضي. ولما هددت إبدروس وأثينة مدينة إيجينة زحف فيدون لمساعدتها واستولى عليها لنفسه. واستعمل فيدون طريقة الموازين والمكاييل البابلية - ولعله أخذها عن الفينيقيين - كما استخدم نظام النقد الليدي الذي تضمنه الدولة. وأنشأ دار الضرب في إيجينة وأضحت "السلاحف" (أي قطع النقط المنقوش عليها رمز الجزيرة) أول عملة رسمية في بلاد اليونان القارية (١٦).

وكان حكم فيدون الاستبدادي المستنير بداية عصر من الرخاء جاء إلى أرجوس وما حولها بكثير من الفنون، حتى كان موسيقيو أرجوس أشهر الموسيقيين في بلاد اليونان كلها في القرن السادس قبل الميلاد (١٧)، ومن هؤلاء لاسوس Lasus الهرميوني (Hermione) الذي اشتهر بين الشعراء الغنائيين في عصره، والذي أخذ عنه بندار Pindar مهارته في هذا الضرب من الشعر. وفي أيامه وضع أساس مدرسة النحت الأرجوسية التي أهدت إلى بلاد اليونان بليكليتس، كما أهدت إليها قواعدها الفنية؛ ووجد التمثيل موطناً له في تلك المدينة حيث أنشئت له دار تحتوي على عشرين ألف مقعد؛ وشاد المهندسون فيها هيكلاً لهيرا، التي كانت تحبها أرجوس، وتخصها بعبادتها، وتعدها العروس الإلهة التي تتجدد بكارتها في كل عام (١٨). لكن ما أصاب خلفاء فيدون من ضعف وفساد - هما نقمة الملكية - بالإضافة إلى الحروب المتعاقبة الطوال مع إسبارطة، أوهن أرجوس، واضطرها إلى أن تتخلى عن زعامة البلوبونيز إلى اللسديمونيين Lacedaemonians. وهي اليوم بلدة هادئة تختفي معالمها بين ما يحيط بها من حقول، ولا تذكر إلا قليلاً عن مجدها الغابر، وتفخر بأن أهلها لم يهجروها قط في أثناء تاريخها الحافل الطويل.