سفوح التلال، وثول النحل، والحيوانات المهولة في قاع البحر الأرجواني، استغرقت كلها في النوم، ومعها أسراب الطيور المجنحة (١).
ولنا أن نستنتج من وجود هؤلاء الشعراء أن الإسبارطيين لم يكونوا إسبارطيين على الدوام، وأنهم لم يكونوا في القرن السابق لليكرجوس أقل شغفاً بالشعر والفنون الجميلة من سائر اليونان؛ ولقد أضحت الأغاني الجماعية من الخواص الوثيقة الصلة بهم، ولما أن أراد كتاب المسرحيات الأثينيون أن يكتبوا أغاني جماعية لمسرحياتهم لم يروا بداً من أن يكتبوها باللهجة الدورية، مع أنهم كتبوا الحوار باللهجة الأتيكية. وليس من السهل علينا أن نقول أي الفنون الأخرى قد ازدهرت في لسديمون في تلك الأيام، أيام الهدوء والاطمئنان، لأن الإسبارطيين أنفسهم قد غفلوا عن تاريخ تلك الأيام والاحتفاظ بتاريخها إن كانوا قد سجلوه؛ ولكنا نستطيع أن نقول إن الفخار والبرنز اللكونيين قد اشتهرا في القرن السابع، وإن الفنون الصغرى قد أخرجت كثيراً من الكماليات التي تستمتع بها الأقلية المحظوظة. لكن هذه النهضة القصيرة الأجل قضت عليها الحروب الميسينية. فقد وزعت الأراضي المفتوحة على الإسبارطيين، وكاد عدد الأقنان أن يتضاعف نتيجة لهذا التوزيع. وكيف يستطيع ألفاً من المواطنين أن يخضعوا على الدوام أربعة أمثالهم من البرئيسيين وسبعة أمثالهم من الهيلوتيين؟ إنهم
(١) ما أشبه هذه الأغنية "بأغنية الجائل الليلي" لجيته. كأن إحساساً واحداً قد جمع بين شاعرين بين أحدهما والآخر خمسة وعشرون قرناً من الزمان: فوق قلل التلال كلها. ساد السكون الآن. وفي أعالي الأشجار جميعها. لا تكاد تستمع. إلى نفس يهب. إن الطيور نائمة بين الأغصان، على رسلك، إنك أنت الآخر. لن تلبث حتى تستريح مثلها