إليها الناس من جميع بلاد البحر الأبيض المتوسط، ينشدون فيها نعمة الصحة التي يعدها اليونان أعظم النعم جميعاً. وكانوا ينامون في الهيكل، ويتبعون بدقة النظام الذي يفرض عليهم، ويسجلون شفاءهم الذي يعتقدون أنه من المعجزات الإلهية على ألواح من الحجر لا تزال باقية في أماكن متفرقة بين خربات الأيكة المقدسة. ومن الأجور والهدايا التي كانت تجمع من هؤلاء المرضى شادت إبدورس دار تمثيلها وملعبها، ولا تزال مقاعدها ومراميها باقية إلى اليوم بالقرب من التلال المجاورة لها؛ وقبابها المرفوعة على العمد والتي تعد بقاياها المحفوظة في متحف المدينة الصغير، من أروع قطع الرخام المنقوش في بلاد اليونان. ويذهب اليوم أمثال هؤلاء المرضى إلى تنوس Tenos في السكلديس حيث يعالجهم قساوسة الكنيسة اليونانية (١١٥) كما كان قساوسة أسكلبيوس يعالجون أسلافهم منذ ألفي عام وخمسمائة. أما القُلَّة القائمة التي كان أهل إبدورس يقربون عليها القرابين إلى زيوس وهيرا فقد أضحت الآن جبل سانت إلياس St. Elias المقدس. إن الآلهة تموت ولكن التقى والصلاح مخلدان.
وليس أعظم ما يحرص العلماء على مشاهدته في إبدورس هو خرائب أسكلبيوم التي سوبت بالأرض. فالمكان كثير الأشجار وليس في وسع السائح أن يرى الملهى الكامل الذي جاء لمشاهدته حتى يصل إلى منعطف في الطريق يبسطه أمامه عند سفح الجبل على هيئة مروحة ضخمة من الحجارة. ولقد شاده بوليكليتوس الأصغر في القرن الرابع قبل الميلاد، ولكنه لا يزال باقياً إلى اليوم، ويكاد يكون كاملاً لم ينقص منه شيء. وإذا وقف السائح في وسط المرقص (الأركسترا Orchestra) وهو مكان رحب مستدير مرصوف بالحجارة، وأبصر أمامه أربعة آلاف مقعد في صفوف متراصة يعلو بعضها وراء بعض، وقد نظمت تنظيماً رائعاً بحيث يكون كل مقعد منها مواجهاً له، وإذا ما تتبع بنظراته الممرات المتشعبة التي ترتفع ارتفاعاً