البلاد أبقت أثمان محصولاتهم منخفضة، على حين أن ما كان عليهم أن يؤدوه ثمناً للسلع المصنوعة التي كانوا مضطرين إلى شرائها كانت تحدده عوامل لا سلطان لهم عليها؛ وظلت هذه الأثمان تزداد على توالي السنين. وإذا ما أجدبت البلاد عاماً حل الخراب بكثيرين من الزراع وهلك بعضهم جوعاً. وبلغ الضنك في أتكا درجة رحب معها الأهلون بالحرب وعدوها نعمة وبركة، فقد تؤدي إلى كسب أرض جديدة، وستؤدي حتماً إلى قلة الأفواه التي تتطلب الطعام.
وفي هذه الأثناء كانت الطبقات الوسطى من أهل المدن التي لا يقف في وجهها القانون تُنزل بالعمال الأحرار الفقر والضنك، وتستبدل بهم الرقيق شيئاً فشيئاً. وبلغ الجهد العضلي من الرخص حداً أصبح معه كل القادرين على ابتياعه يترفعون عن العمل بأيديهم. وصار العمل اليدوي غلاً وعبودية، ومهنة غير جديرة بالأحرار، وأخذ ملاك الأرض، لغيرتهم من ثراء التجار المتزايد، يبيعون في خارج البلاد الحبوب التي يحتاجها مستأجروا أرضهم طعاماً لهم، وانتهوا آخر الأمر ببيع الأثينيين أنفسهم تطبيقاً لقانون الديون.
وأمل الناس وقتاً ما أن تعالج تشريعات داركون Dracon هذه الشرور. فقد كلف هذا المشترع ثسموثيتي Thesmothete حوالي عام ٦٢٠ بأن يسن القوانين الكفيلة بإعادة النظام إلى أتكا، وأن يسجلها كتابة لأول مرة في تاريخ اليونان. ومبلغ علمنا أن أهم ما نجده من تقدم في قوانينهِ هو أنه وسع إلى حد ما دائرة من لهم الحق في أن يُختاروا أركونيين حتى شملت كثيرين من الأغنياء المحدثين، وأحل القانون محل الغصب والانتقام، وأصبح مجلس الشيوخ الأريوباجوستي بعدئذ صاحب الحق في النظر في جميع جرائم القتل. وكان هذا التشريع الأخير إصلاحاً أساسياً تقدمياً؛ ولكنه لما أراد أن ينفذه، بل لما أراد أن يقنع ذوي الثراء بقبولهِ وبأنه أقسى من كل ما يستطيعون فرضه من ثأر وانتقام، لما أراد هذا وذاك