للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس بشعره ودفعهم إلى فتح سلاميس. ثم صلحت أخلاقه في سن الكهولة صلاحاً يتناسب تناسباً عكسياً مع شعره، فأصبحت أشعاره فاترة ونصائحه جيدة. انظر مثلاً إلى قوله في أشعاره: "إن الكثيرين من الناس أغنياء، ولكنهم لا يستحقون هذا الغنى، على حين أن من هم خير منهم يقاسون آلام الفاقة. ولكنا لن نستبدل حال هؤلاء الأغنياء بحالنا، لأن ميزتنا باقية دائمة، أما ميزتهم فإنها تنتقل من إنسان إلى إنسان"، وثروة الغني "ليست أعظم من ثروة من لا يملك إلا معدته ورئتيه وقدميه، وهي الأعضاء التي تأتيه بالسرور ولا تأتيه بالألم؛ وليست خيراً من محاسن الفتى أو الفتاة أو نضرة شبابه أو شبابها، أو من وجود ينسجم مع صروف الأيام". ولما حدث في أثينة شقاق وانقسام بقي هو على الحياد، وكان ذلك لحسن الحظ قبل أن تقرر الشرائع المعزوة له أن هذهِ الحيطة جريمة، ولكنه لم يتردد قط في التشهير بالوسائل التي سلكها الأغنياء لإذلال الفقراء، ودفعِهم إلى أحضان الفاقة. وإذا كان لنا أن نأخذ بأقوال أفلوطرخس فإن والد صولون قد "بدد ثروته في التصدق على الناس والإحسان إليهم". واشتغل صولون بالتجارة وأصبح من التجار الناجحين ذا مصالح كثيرة في أقطار بعيدة، أكسبته خبرة واسعة وأمكنته من الأسفار والتنقل في بلاد بعيدة، وكان يسير في عمله على المبادئ التي يدعو إليها في قوله، واشتهر بين جميع طبقات الناس بالاستقامة. وكان لا يزال صغير السن نسبياً- في الرابعة والأربعين أو الخامسة والأربعين- حين أقبل عليه في عام ٥٩٤ ممثلو الطبقات الوسطى يدعونه إلى قبول ترشيحهم إياه ليكون أركوناً بالاسم Teponymos، على أن يُمنح سلطة مطلقة لإخماد نار حرب الطبقات، ووضع دستور جديد للبلاد، وإعادة الاستقرار إلى الدولة. ووافقت الطبقات العليا على هذا