وفي عام ١٨٥٤ حيث كان الشتاء من الجفاف بدرجة خارقة للمألوف، هبط مستوى الماء في البحيرات السويسرية، فكشف عن عصر آخر من عصور ما قبل التاريخ؛ فوجدت أكوام فيما يقرب من مائتي موضع في هذه البحيرات؛ ووجد أن هذه الأكوام ظلت مكانها تحت الماء زمنا يتراوح بين ثلاثين قرنا وسبعين؛ ولقد كانت تلك الأكوام مصفوفة على نحو يبيّن أن قد شيدت فوقها قُرَّى صغيرة، وربما شيدت هناك
رغبة في العزلة أو في الدفاع؛ وأن كل قرية كانت تتصل باليابس بجسر ضيق لم تزل أساس بعضها في أماكنها؛ وكانت قوائم المنازل نفسها ما تزال باقية هنا وهناك، لم تُزِلِها الأمواج بفعلها الدءوب (١) وبين هذه الخرائب الباقية وجدت آلات من العظم والحجر المصقول الذي أصبح
(١) وجدت مساكن في البحيرات شبيهة بهذه الدور، في فرنسا وإيطاليا وسكتلندة والروسيا وأمريكا الشمالية والهند وغيرها؛ ولا تزال قرى كهذه موجودة في بورنيو وسومطرة وغينا الجديدة وغيرها والذي أطلق على فنزويلا اسم "البندقية الصغيرة" هو "ألونسِو دي أوجدا" الذي استكشفها من الأوربيين (سنة ١٤٩٩) فوجد أن أهلها يعيشون في مساكن على هيئة الأكوام في بحيرة ماراسيبو.