كانوا مجردين من فكرتي الضمير والخطيئة لا يكاد يبقى له أثر عند من يقرأ كتب بندارا وإسكلس وقد نشأت من اعتقاد اليونان بأنهم يعيشون في جو من الأرواح مئات من الخرافات لخصها ثيوفراستوس خليفة أرسو في جزء من كتابه الأخلاق فقال:
يبدو أن الإيمان بالخرافات ضرب من الجبن وخور العزيمة أمام القوة الإلهية … إن الرجل المخرف لا يعرف من داره أول النهار إلا بعد أن يغسل يديه ويرش نفسه بالماء من العيون التسع، ويضع في فمه قطعة من ورقة شجرة في معبد، فإذا ما اعترضت طريقه قطة لم يواصل السير حتى يمر به إنسان آخر، أو يقذف بثلاثة أحجار في الشارع. وإذا أبصر أفعى في بيته وكانت من النوع الأحمر استنجد بديونيسس، أما إذا كانت أفعى مقدسة فإنه يقيم لها ضريحاً من فوره في البقعة التي أبصرها فيها؛ وإذا مر بأحد الحجارة الملساء المقامة في مفترق الطرق صب عليه الزيت من قنينة ولم يواصل السير في طريقه إلا بعد أن ركع له ويتعبد، وإذا قرض فأر جعبة طعامه، توجه إلى الساحر وسأله ماذا يفعل، فإذا أشار عليه بأن "يرسل الجعبة إلى الإسكافي ليرقعها"، عمل بهذه النصيحة، وتخلص من النذير المشئوم بطقوس تمنع عنه الشر المرتقب. وإذا وقعت عينه على رجل مصاب بالجنون أو بالصرع، ارتجف وبصق على صدرهِ.
وكان اليونان السذج يؤمنون، ويعلمون أطفالهم أن يؤمنوا، بأنواع لا حصر لها من العفاريت. وكانت مدن بأكملها تروع بين الفينة والفينة بما تنذر به أحداث غريبة كمولد حيوانات مشوهة أو أناس مشوهين. وكان الاعتقاد بوجود أيام مشئومة منتشراً إلى درجة تجعل من المؤمنين بهذه العقيدة لا يقدمون في هذه الأيام على زواج ولا يعقدون فيها جمعية. ولا تجتمع فيها محكمة، ولا يبدءون فيها مشروعاً خطيراً. وكانت عطسة، أو عثرة قدم، تكفي في بعض الأحيان لحمل العاطس أو العاثر على العدول عن سفره أو عمل هام، وكان خسوف جزئي يكفي