للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكانت في بادئ الأمر، إذا جاز لنا أن نأخذ بقول بلني، أوراق الأشجار أو لحاءها (٦)؛ فإذا أرادوا النقش استخدموا الحجارة أو البرونز أو الرصاص. وكانوا يستخدمون للكتابة العادية ألواح الطين كما كان يفعل أهل ما بين النهرين (١)، ثم استخدموا ألواحاً من الخشب تغطيها طبقة من الشمع، وكانت هذه شائعة بين التلاميذ قبل أيامهم (٧)؛ فإذا أرادوا أن يكتبوا شيئاً يبقى أمداً طويلاً استخدموا أوراقاً من البردى كان الفينيقيون يأتون بها من مصر؛ وفي العهد الذي انتشرت فيه حضارة اليونان في خارج بلادهم، وفي العهد الروماني، استخدم الرق المصنوع من جلود المعز والضأن أو أغشيتها الرقيقة، وكانوا يكتبون على ألواح الشمع بقلم معدني، وعلى ورق البردى والرق بقلم من الغاب يغمس في الحبر، وكانت الكتابة على الشمع تمحى بنهاية القلم المعدني السميكة، أما الحبر فكان يمحى بقطعة من الإسفنج؛ ولذلك أرسل الشاعر ماريتال إلى صديق له قطعة من الإسفنج مع قصائده لكي يمحوها "بضربة واحدة (٨) ". وإن كثيراً من النقاد في هذه الأيام ليحزنهم أن هذا الأدب الجم لم يبق له الآن وجود.

وليس ثمة ميدان وصلتنا من الألفاظ القديمة بالكثرة التي وصلتنا من ميدان الكتابة. فكلمة ورق بالإنجليزية paper مأخوذة من اسم نبات البردى papyrus، وقد أعادت دورة الفلك الطراز القديم لصنع هذه المادة من النبات المضغوط. وكان السطر من الكتابة يسمى باليونانية stichos أى صفا، وكان اللاتين يسمونه versus أي عودة إلى الوراء، ومنها اشتقت كلمة verse الإنجليزية. وكانوا يكتبون ما يريدون في صورة أعمدة على قطعة من ورق البردى أو الرق طولها من عشرين قدما إلى ثلاثين تلف حول عصا. وكانوا يسمون هذا الملف (٢) ببلوس biblos، وقد أخذوا هذا الاسم من المدينة الفينيقية المعروفة بهذا الاسم والتي


(١) وكانت كلمة Graphein التي نترجمها الآن بكلمة الكتابة تعني أولاً الحفر.
(٢) وكان اللاتين يسمون الملف volumen- أي الملفوف.