وكان معظم الأدب يتلوه بصوت جهوري قراء مدربون على أشخاص يتعلمونه بالسماع (١). ولم يكن في بلاد اليونان قبل القرن السابع جمهور كبير من القارئين، ولم تكن في البلاد دور كتب قبل أن يجمع بوليكراتس Polycrates وبيسستراتس مكتبتيهما في القرن السادس (٩). فلما كان القرن الخامس بدأنا نسمع عن وجود مكتبة خاصة ليوربديز وأخرى للأركون يوكليدز Eucleides؛ ثم سمعنا في القرن الرابع عن مكتبة أرسطاطليس. ولم نسمع عن وجود مكتبة عامة قبل مكتبة الإسكندرية، كما لم نسمع بوجود مكتبة في أثينة قبل أيام هدريان (١٠). ولعل عظمة اليونان في أيام بركليز كان مرجعها إلى أن اليونان لم يكونوا يقرؤون كتباً كثيرة أو يقرؤون أي كتاب طويل.
(١) لا يزال الهدف المقصود من "الأسلوب" في الكتابة ومن علامات الترقيم هو تيسير التنفس للقارئ وحسن وقع الصوت على الأذن، وإن كنا قد أصبحنا نتلقى ثقافتنا وغذائنا العقلي بعد انتشار الطباعة عن طريق العين، وإن كانت الكتابة قلما تقرأ جهرة. وأكبر الظن أن الأجيال القادمة ستعود إلى ما كان عليه الأقدمون فتتلقى غذاءها العقلي مرة أخرى عن طريق الأذن.