أن يراها من يقف في أسفل البناء؛ وكانت الأركان المتجمعة- أو الطبول- عند المعماريين- وسيلة تختبر بها مهارة الفنان العظيمة. وكان في الاستطاعة أن يجعل السقف نفسه تحفة فنية تجملها قطع القرميد الزاهية الألوان والمثقفات التي تستخدم لتصريف مياه الأمطار، وتتخذ الوقت نفسه قواعد للتماثيل العليا ترتفع من زوايا القواصر. وقصارى القول أنها كانت في الهيكل اليوناني، وبين العمد، وعلى الجدران، وفي داخل البناء نفسه، ما يزيد على الحاجة من التماثيل والنقوش. وكانت للرسام أيضاً يد في زينتها: فقد كان الهيكل يطل كله أو بعضه بما فيه من تماثيل وبروز ونقوش. ولعلنا في هذه الأيام نغالي في الإكبار من شأن اليونان بعد أن محت الأيام الطلاء عن معابدهم وآلهتهم، وخلفت أكاسيد الحديد على الرخام ألواناً طبيعية لا يحصى عددها تظهر بريق الحجارة تحت سماء اليونان الصافية. ومن حقنا أن نتوقع أن يصبح الفن الحديث نفسه وبالطريقة عينها جميلاً في يوم من الأيام.
وازدهر الطرازان المتنافسان ازدهاراً عظيماً في القرن السادس وبلغ ذروة الكمال في القرن الخامس. وقد قسما بلاد اليونان من الناحية الجغرافية قسمة ضيزى. فكان للفن الأيوني السيادة في بلاد آسية اليونانية وفي بحر إيجة، وكان للفن الدوري السيادة في أرض اليونان نفسها وفي غربها. وكان أعظم ما أبدعه الفن الأيوني في القرن السادس هو معبد أرتميس في إفسوس، ومعبد هيرا في ساموس، وتماثيل البرنشيدي بالقرب من ميليتس. ولكن جميع العمائر الأيونية التي أنشئت قبل مارثون قد عدا عليها الزمان فلم يبق منها إلا أنقاضها. وأجمل المباني الباقية من القرن السادس معابد بستوم Paestum وصقلية القديمة وكلها من الطراز الدوري. وقد بقي من الهيكل العظيم الذي شيد في دلفي بين عامي ٥١٢، ٥٤٨ تصميم قاعدة نعرفها من رسوم المهندس اسبنثاروس Spintharus الكورنثي، أما الهيكل نفسه فقد دمره زلزال وقع في عام ٣٧٣، ثم أعيد بناؤه بالنظام