كله (٤). ولسنا نجد في تلك البلاد أقدم ما عرف من عجلات الخزاف وحسب بل نجد فيها أيضاً أقدم ما عرف من عجلات المركبات، ذلك أنا لا نعثر مرة أخرى على هذه المركبة التي كان لها شأن متواضع، ولكنه شأن حيوي، في نقل المدينة من مكان إلى مكان، إلا بعد هذا الوقت في بلاد بابل، ثم بعد ذلك أيضا في مصر (٥). ثم انتقل العيلاميون من هذه البدايات المعقدة إلى حياة السلطان والغزو ذات الأعباء الثقال، فامتلكوا سومر وبابل ثم دارت عليهم الدائرة فاستولت عليهم هاتان الدولتان كلتاهما بعد الأخرى. وعاشت مدينة السوس ستة آلاف من السنين، شهدت في خلالهما عظمة إمبراطوريات سومر، وبابل، ومصر، وأشور، وفارس، واليونان، ورومة؛ وظلت باسم شوشان، مدينة مزدهرة حتى القرن الرابع عشر الميلادي. ومرت بها في خلال تاريخها الطويل فترات مختلفة نمت فيها ثروات نموا عظيما. وحسبنا شاهداً على هذا وصف المؤرخين لما عثر عليه فيها أشور بانيبال حين استولى عليها ونهبها في عام ٦٤٦ ق. م من ذهب وفضة، وحجارة كريمة، وجواهر ملكية، وثياب ثمينة، وأثاث فخم، ومركبات ساقها الفاتحون وراءهم إلى نينوى. ذكر المؤرخون هذه المغانم كلها ولم يحاولوا الانتقاص من شأنها أو الاستخفاف بها. وهكذا بدأ التاريخ دورته المحزنة فبدلها في وقت قصير من فنها المزدهر حربا وخرابا.