أثمن غلات أتكا في عصر بركليز، وقد بلغ من عظم شأنهِ أن احتكرت الدولة تصديره، وأن ابتاعت به وبالنبيذ ما كانت تضطر إلى استيراده من الحبوب.
وكانت تُحرّم تصدير التين تحريماً باتاً، لأن التين من أهم مصادر القوة والنشاط لأهل البلاد. وشجرة التين تنمو وتترعرع حتى في التربة الجدباء، وجذورها الكثيرة الانتشار تمتص كل ما عساه أن يوجد في التربة من ماء، وأوراقها القليلة الصغيرة لا تعرضها للتبخر الكثير. وفضلاً عن هذا فإن زارع شجر التين قد تعلم من بلاد الشرق سر إنضاج ثماره بالتلقيح؛ فكان يعلق أغصان شجرة التين البرية الذكر، بين أغصان الشجرة الأنثى المنزرعة، ويترك للحشرات نقل الطلع من الذكر إلى ثمار الأنثى فتزيد في الحجم والحلاوة.
وكانت هذه الغلات الزراعية من الحبوب، وزيت الزيتون، والتين، والعنب، والنبيذ، أهم المواد الغذائية في أتكا. ولم تكن تربية الماشية مورداً للطعام خليقاً بالذِكر؛ وكانت الخيول تربى لتستخدم في السباق، والأغنام لتؤخذ منها الأصواف، والمعز للبن، والحمير، والبغال، والبقر، والثيران للنقل؛ أما الخنازير فكانت تربى بكثرة ليؤكل لحمها؛ وكانوا يعنون بتربية النحل للانتفاع بعسلهِ في عالم خلو من السكر. وكان اللحم من مواد الترف، لا يطعمه الفقراء إلا في أيام الأعياد، وقد اختفت في العهد الذي نتحدث عنه مآدب الأبطال التي كانت تقام في العصر الهومري. أما السمك فكان طعاماً عادياً ومتعة في آن واحد؛ كان الفقير يبتاعه مملحاً ومجففاً والغني يستمتع بلحم "القرش""وثعبان البحر" طازجاً. وكانت الحبوب تطعم سليقة وخبزاً وكعكاً وكثيراً ما كانت تخلط بعسل النحل. وقلما كان الخبز والكعك يسويان في المنزل بل كان كلاهما يُشترى من بائعات جائلات أو من حوانيت صغيرة، وكانوا يضيفون إليها البيض، والخضر- وخاصة الفاصوليا، والبسلة، والكرنب، والعدس،