مائة وسبعين ريالاً أمريكياً في اليوم الواحد بتأجير ألف عبد إلى مستغلي المناجم بما لا يزيد على أبولة واحدة) ١٧ ٠ من الريال الأمريكي (لكل منهم في اليوم؛ وما أكثر الثروات التي جمعها الأثينيون بهذهِ الطريقة، أو بإقراض الأموال اللازمة لهذا الاستغلال. وكان عدد العبيد في المنجم يبلغ أحياناً عشرين ألفاً، وكان منهم المشرفون عليهم والمهندسون. وكانوا يعملون في نوبات تطول كل منها إلى عشر ساعات، ولم يكن العمل ينقطع ليلاً أو نهاراً؛ فإذا ما تباطأ العبد أو استراح ألهب المشرف عليه ظهره بالسوط، وإن حاول الهرب صُفّدَ بأغلال من حديد، وإذا هرب وألقي القبض عليه كويت جبهته بالحديد المحمي. ولم يكن عرض المنجم يزيد على قدمين، ولم يكن ارتفاعه يتجاوز ثلاث أقدام، وكان العبيد يعملون فيه بالمنقب أو الإزميل والمطرقة، وهم جاثمون على ركبهم، أو منبطحون على بطونهم أو مستلقون على ظهورهم. وكانت الخامات بعد تكسيرها تُنقل في سلال أو أكياس يتناولها رجل من رجل، لأن الممرات لشدة ضيقها لا تسمح لاثنين أن يمر أحدهما بالآخر بسهولة. وكانت الأرباح التي تُجنى من هذهِ المناجم غاية في الضخامة.
وحسبنا دليلاً على هذا أن إتاوة الحكومة منها بلغت في عام ٤٨٣ مائة وزنة) نحو ٦٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي (- وهي ثروة رُزِقتها أثينة من حيث لا تحتسب واستطاعت أن تُنشئ بها أسطولاً تنقذ به بلاد اليونان كلها عند سلاميس. ولقد عاد هذا العمل بالخير والشر معاً حتى على غير العبيد فقد أصبحت خزانة أثينة بسببه تعتمد كل الاعتماد على المناجم فلما أن استولى الاسبارطيون على لوريوم في حرب البلوبونيز، اضطربت أحول أثينة الاقتصادية من أولها إلى آخرها ولما نضب معين المناجم في القرن الرابع كان نضوبها أحد العوامل الكثيرة في اضمحلال أثينة، وذلك لأن أرض أتكا ليس فيها معدن ثمين غير الفضة.