والفرات- حيث توجد- كما في أشور مثلا شواهد دالة على ثقافتهم الأولى. أو لعلهم قد سلكوا الطريق المائي من الخليج الفارسي- كما تروي الأساطير- أو من مصر أو غيرها من الأقطار، ثم اتخذوا سبيلهم نحو الشمال متتبعين على مهل النهرين العظيمين. أو لعلهم جاءوا من السوس حيث يوجد بين آثارها رأس من الأسفلت فيه خواص الجنس السومري كلها. بل إن في وسعنا أن نذهب إلى أبعد من هذا كله فنقول إنهم قد يكونون من أصل مغولي قديم موغل في القدم.
ذلك بأن في لغتهم كثيراً من التراكيب الشبيهة بلسان المغول (٩)). لكن علم هذا كله عند علام الغيوب.
وتدل آثارهم على أنهم كانوا قصار القامة ممتلئ الجسم، لهم أنوف شم مصفحة ليست كأنوف الأجناس السامية، وجباه منحدرة قليلا إلى الوراء، وعيون مائلة إلى أسفل. وكان كثيرون منهم ملتحين، وبعضهم حليقين، وكثرتهم العظمى يحفون شواربهم. وكانوا يتخذون ملابسهم من جلود الغنم، ومن الصوف المغزول الرفيع، وكانت النساء يسدلن من أكتافهن اليسرى مآزر على أجسامهن، أما الرجال فكانوا يشدونها على أوساطهم ويتركون الجزء الأعلى من أجسامهم عارياً. ثم علت أثواب الرجال مع تقدم الحضارة شيئاً فشيئاً حتى غطت جسمهم كله إلى الرقبة. أما الخدم رجالا كانوا أو نساء فقد ظلوا يمشون عراة من الرأس إلى وسط الجسم إذا كانوا في داخل البيوت. وكانوا في العادة يلبسون قلانس على رؤوسهم وأخفافاً في أقدامهم، ولكن نساء الموسرين منهم كن ينتعلن أحذية من الجلد اللين الرقيق غير ذات كعاب عالية، وذات أربطة شبيهة بأربطة أحذيتنا في هذه الأيام. وكانت الأساور والقلائد والخلاخيل والخواتم والأقراط زينة النساء السومريات التي يظهرن بها ثراء أزواجهن كما تظهره النساء الأمريكيات في هذه الأيام (١٠).
ولما تقدم العهد بمدنيتهم- حوالي ٢٣٠٠ ق. م- حاول الشعراء والعلماء