وكان النقل البحري أقل كلفة من النقل البري وبخاصة إذا اقتصر على أشهر الصيف الساكنة الريح، وكان هذا النقل في العادة مقصوراً على تلك الشهور. وكانت أجور السفر قليلة، فكان في وسع الأسرة أن تنتقل من بيرية إلى مصر وإلى البحر الأسود نظير درخمتين) أي ريالين أمريكيين (، ولكن السفن لم تكن تُعنى بنقل المسافرين لأنها صُنعت قبل كل شيء لنقل البضائع أو لشن الحرب أو لهذا الغرض أو ذاك كما تقضي الضرورة. وكانت أهم القوى المحركة هي قوة الريح تملأ الشراع، ولكن العبيد كانوا يُسيّرون السفن بالمجاديف إذا سكنت الريح أو هبت في عكس اتجاه السفن. وكانت أصغر سفن البحار التجارية يُسيّرها ثلاثون مجدافاً، ومنها ما كان له خمسون. وأنزل أهل كورنثة في البحر منذ عام ٧٠٠ قبل الميلاد أولى السفن ذات الثلاثة الصفوف من المجاديف يعمل بها مائتان من الرجال. وقبل أن يستهل القرن الخامس كانت هذهِ السفن بمقدمها الطويل السامق قد بلغ وزنها ٢٥٦ طناً، وبلغت حمولتها سبعة آلاف بشل من الحبوب، وأصبحت حديث جميع القاطنين على شواطئ البحر الأبيض المتوسط لأن سرعتها بلغت ثمانية أميال في الساعة.
وكانت ثاني مشاكل التجارة هي العثور على واسطة للتبادل يثق الناس بها، فقد كان لكل مدينة نظامها الخاص في الموازين والمقاييس، وعُملتها التي لا تشاركها فيها مدينة أخرى. وكان على الإنسان عندما يصل إلى أحد التخوم التي تكاد تبلغ المائة عداً أن يبدل نقوده وأن يكون على حذر في هذا التبديل لأن كل حكومة يونانية، عدا حكومة أثينة، كانت تسلب الأجانب عنها أموالهم بتخفيض قيمة نقدها. وفي ذلك يقول يوناني لم يشأ أن يُعرف اسمُه "كان التجار في معظم المدن يضطرون أن ينقلوا على سفنهم بضائع وهم عائدون إلى مدنهم لأنهم لم يكن في وسعهم أن يحصلوا على نقود ذات نفع