اليونان يجمعون على تحبيذ تحديد النسل: فأفلاطون ينادي بتعريض جميع الأطفال الضعفاء ومن يولدون من أبوين منحطين أو طاعنين في السن (١) إلى الجو القاسي؛ وأرسطاطاليس يدافع عن الإجهاض بحجة أنه أفضل من قتل الأطفال بعد أن يولدوا (٢). ولم يكن قانون أبقراط الطبي يسمح للطبيب بأن يجهض الحامل، ولكن القابلة اليونانية كانت تحذق هذه العملية، ولا تجد قانون يحول بينها وبين (١) ممارستها (٣).
وكان الطفل يقبل في دائرة الأسرة رسمياً في اليوم العاشر بعد مولده أو قبله، ويقام لذلك احتفال ديني خاص في البيت حول موقد النار، يتلقى فيه الهدايا ويسمى باسمه. ولم يكن لليوناني عادة إلا اسم واحد مثل سقراط أو أرخميدس؛ ولكن كانوا من عادتهم أن يسموا أكبر الأبناء باسم جده لأبيه، ولهذا كثر تكرار الأسماء، واختلط التاريخ اليوناني لكثرة ما ورد فيه من أسماء زنوفون، وإسكنيز، وتوكيديدز، وديوجين، وزينون، فكانوا يحاولون التغلب على ما فيها من غموض بإضافة اسم الأب أو اسم مسقط الرأس إلى اسم الشخص فيقولون "كيمون ملتيادو" أي كيمون بن ملتيادس، أو ديودورس صقلوس Diodorus Siculus أي ديودور الصقلي، أو يحلون المشكلة بإضافة أحد ألقاب السخرية المضحكة مثل كَلِمِدون Callimedon أي السرطانْ.
فإذا ما قبل الشخص في الأسرة بهذه الطريقة لم يكن القانون يجيز تعريضه للجو، بل كان يربى محوطاً بكل ما يحيط به الآباء أبناءهم من العناية في جميع العصور، فنرى ثمستكليز مثلاً يصف ابنه بأنه حاكم أثينة الحقيقي، لأنه (ثمستكليز) وهو أعظم رجال أثينة نفوذاً تحكمه زوجته، وهذه الزوجة يحكمها ولدها (٦). وفي وسعنا أن نستدل على هذا الحب الأبوي من كثير من المقطوعات الشعرية ذات المغزى الأدبي في دواوين الشعراء.
"لقد بكيت حين ماتت ثيونو Theonoe، ولكن الآمال التي كنت أعلقها
(١) وليس لدينا شواهد على أن اليونان كانوا يلجأون إلى وسائل لمنع الحمل.