وكان منهج الدراسة ينقسم ثلاثة أقسام -الكتابة، والموسيقى، والألعاب الرياضية؛ وأضاف المجددون الحريصون على التجديد في أيام أرسطو إلى هذا المنهج الرسم والتصوير (١٤). وكانت الكتابة تشمل القراءة والحساب، وكانوا يستخدمون فيها الحروف لا الأرقام. وكان كل تلميذ يتعلم العزف على القيثارة، وكان الكثير من مواد الدراسة يصاغ في عبارات شعرية وموسيقية (١٥). ولم يكونوا يضيعون شيئاً من الوقت في تعليم أية لغة أجنبية، بله اللغات الميتة، ولكنهم كانوا شديدي العناية بتعلم اللغة الوطنية واستخدامها على أصح وجه. وكانت الألعاب الرياضية تُعَلم أكثر ما تعلم في مدارس الألعاب، ولم يكن أثيني يعد متعلماً إذا لم يتقن المصارعة والسباحة واستعمال القوس والمقلاع.
أما البنات فكن يدرسن في منازلهن وكان تعليمهن يقتصر في الغالب على علم "تدبير المنزل"، ولم يكن للبنات في غير إسبارطة حظ من الألعاب الرياضية العامة. وكانت أمهاتهن يعلمنهن القراءة والكتابة والحساب، والغزل والنسيج والتطريز، والرقص والغناء، والعزف على بعض الآلات الموسيقية؛ ومن النساء اليونانيات عدد قليل تعلمن تعليماً عالياً، ولكنهن في الغالب من المؤنسات، أما النساء المحترمات فلم يكن تعليمهن يتجاوز المرحلة الابتدائية حتى أغرت أسبازيا Aspasia عدداً قليلاً منهن على تعلم فنون البلاغة والفلسفة. وكان الرجال يتعلمون التعليم العالي على يد علماء البلاغة والسوفسطائيين، يلقنونهم فن الخطابة، والعلوم الطبيعية، والفلسفة والتاريخ. وكان هؤلاء المدرسون المستقلون يستأجرون قاعات للمحاضرات بالقرب من مدارس الألعاب الرياضية، وكان يتألف منهم من قاعاتهم هذه في أثينة قبل أفلاطون جامعة متفرقة. وكان ذوو الثراء وحدهم هم الذي يتعلمون على أيديهم، لأنهم كانوا يتقاضون أجوراً عالية، ولكن ذوي الطموح من الشبان غير ذوي اليسار كانوا يعملون ليلاً في المصانع أو الحقول حتى يستطيعوا أن يحضروا في النهار دروس هؤلاء المعلمين المتنقلين.