للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من مفتشي الحكومة، ويحول مرتكز الميزان نحو الكفة التي بها الموزون (٤٠ أ)، ويكذب كلما سنحت له الفرصة؛ وهو متهم بأخذ الوذم (١) من الكلاب (٤١). ويطلق كاتب مسرحي هزلي على بائعي السمك اسم "السفاحين" ويسميهم كاتب أرحم بهم منه "لصوصاً" (٤٢). ولم يكن رجال السياسة خيراً من هؤلاء كثيراً؛ فلا نكاد نرى رجلاً ذا شأن في الحياة الأثينية العامة لم يتهم بالالتواء (٤٣)، وإذا وجد فيهم رجل شريف مثل أرستيدبز عد من خوارق الطبيعة، يكاد يبلغ حد البشاعة، وحتى ديوجين نفسه بمصباحه الذي يسير به في النهار يعجز عن أن يعثر على رجل آخر شريف. ويقول توكيديدز إن الرجال كانوا أكثر حرصاً على أن يوصفوا بالحذق من أن يوصفوا بالأمانة، ويظنون أن الأمانة هي السذاجة (٤٤). وكان من أيسر الأمور أن تجد اليونان يخونون وطنهم. وفي ذلك يقول بوزنياس: "لم يكن ينقص بلاد اليونان في أي وقت من الأوقات رجال مصابون بهذا الداء داء الخيانة" (٤٥). وكانت الرشوة هي السبيل المألوفة للرقي، ولفرار المجرمين من العقاب، ولنيل المطالب الدبلوماسية. وحصل بركليز على مبالغ طائلة من المال للخدمات السرية، وأكبر الظن أنه استخدمها لتيسير أسباب المفاوضات الدولية. وكانت المبادئ الأخلاقية قبلية الطابع إلى أقصى حد، وينصح زنوفون في رسالة له في التربية بالالتجاء الصريح إلى الكذب والسرقة في معاملة أعداء البلاد (٤٦). ويدافع الرسل الأثينيون الذين وفدوا إلى إسبارطة في عام ٤٣٢ عن إمبراطوريتهم بتلك العبارات الصريحة: "لقد كان القانون السائد على الدوام أن يخضع القوي للضعيف … ولم يسمح أحد بأن تقف المطالبة بالعدالة في سبيل المطامع إذا لاحت للتخلص فرصة كسب شيء ما قوة


(١) الوذم الحزة من الكرش والمصارين المقطوعة تعقد وتلوى ثم ترمى في القدر والجمع أوْذم ووذوم، وهي الوذمة وجمعها وذام. (المخصص). وقد استعملنا هذا "اللفظ" (للسُّجُق). (المترجم)