نفسه%=@ويقابل هذا قول عامة مصر "إن رجله في القبر". @. ويتخذ الحزن على الموتى عدة مظاهر مقررة: منها لبس الثياب السود، وقص الشعر كله أو بعضه ليقدم هدية للميت. وفي اليوم الثالث بعد الموت تحمل الجثة في نعش ويطوف موكب الجنازة بشوارع المدينة، والنساء من خلف الجثة يبكين، ويضربن صدورهن، وقد تُستأجر نادبات محترفات يندبن الميت. وتصب الخمر على التراب الذي يغطي القبر لتروي به روح الميت غليلها، وقد تُذبح بعض الحيوانات لتكون طعاماً لها. ويضع مشيعوا الجنازة على القبر أكاليل من الأزهار أو ورق السرو (١٢٧)، ثم يعودون إلى منزل الميت ليحتفلوا بالجنازة. وإذ كان من معتقداتهم أن روح الميت تشهد هذا الاحتفال، فقد كان من عاداتهم المقدسة "ألا يذكروا عن الميت إلا الخير"(١). وقد كانت هذه العادة منشأ قانون قديم يفرض على الأحياء ألا يذكروا إلا محاسن الموتى، ولعلها هي أيضاً منشأ ما يكتب على شواهد القبور من مدح. وكان أبناء الميت يزورون قبور أسلافهم في مواسم معينة، ويقدمون لهم الطعام والشراب. وقد تعهد أهل بلاتية بعد المعركة المسماة باسم مدينتهم والتي قتل فيها عدد من اليونان من مختلف المدن، تعهدوا أن يقيموا لجميع الأموات وليمة سنوية، وكانوا لا يزالون يوفون بوعدهم هذا بعد أن مضت على المعركة ستة قرون كاملة.
وكانت الروح تنفصل من الجسم بعد الموت وتصبح طيفاً غير مادي يسكن في الجحيم. ويستفاد من أقوال هومر أن الأرواح التي ارتكبت ذنوباً شنيعة أو مرقت من الدين هي وحدها التي تعذب في تلك الدار، أما سائر الأرواح
(١) قارن هذا بقولنا: "اذكروا محاسن موتاكم". (المترجم)