وكانت إليس صاحبة الزعامة على جميع مدن اليونان الأصلية في هذا الميدان، ثم أصدرت سرقوسة في أواخر القرن الخامس قطعة ذات عشر درخمات لم تفقها قط قطعة أخرى في جمالها الفني. وقد احتفظ فنانو كلسيس بزعامة المدن اليونانية في النقش على المعادن، وكانت كل مدينة في حوض البحر الأبيض المتوسط تعمل للحصول على أدواتها الحديدية، والنحاسية، والفضية. وكانت المرايا اليونانية أبعث للسرور مما تستطيعه معظم المرايا بطبيعتها، ذلك أن الإنسان إن لم يكن في وسعه أن يرى خياله واضحاً كل الوضوح في سطح من البرونز المصقول، فإن المرايا نفسها كانت على أشكال مختلفة جذابة، وكثيراً ما كانت منقوشة نقشاً متقناً بديعاً، وكانت تحملها تماثيل الأبطال، أو النساء الحِسان، أو الآلهة.
وظل الفخرانيون يمارسون صنع الأشكال ويتبعون الأساليب التي كانت لديهم في القرن السادس محتفظين بهزلهم ومنافساتهم التقليدية. وكانوا أحياناً ينقشون على الآنية قبل إحراقها كلمة حب يوجهونها إلى غلام، وقد جرى فدياس نفسه على هذه العادة حين حفر على إصبع الصورة التي صنعها لزيوس:"إن بنتاركس جميل". وفي النصف الأول من القرن الخامس وصل طراز الصور الحمراء ذروته في مزهرية أخيل وبنثيسليا، وكأس إيسوب والثعلب المحفوظ في متحف الفاتيكان، وصورة أرفيوس بين التراقيين المحفوظة في متحف برلين. وأجمل من هذه كلها قوارير الدهن البيضاء التي صنعت في منتصف ذلك القرن. وكانت هذه القوارير الرفيعة تصنع للموتى خاصةً وتدفن معهم عادةً، أو تلقى فوق كومة الحطب التي تحرق عليها أجسامهم حتى يمتزج ما فيها من الزيت المعطر بلهب الحطب. وحاول ناقشو المزهريات أن يكونوا مستقلين فرديين في عملهم، وكانوا أحياناً ينقشون على الآنية قبل إحراقها موضوعات لو رآها فنانو العصر القديم المحافظون لأثارت دهشتهم. من ذلك أن مزهرية رسمت عليها صورة شبان يعانقون بعض عشيقاتهم بلا حياء، ورسم على مزهرية أخرى