راضٍ بموضعه ولكنه يرقب سيده. وتظهر هذه الألواح الموت مظهر الحادث الطبيعي، وهو لذلك عندهم شيء يمكن العفو عنه، وعدم الحقد عليه.
وأكثر من هذه الألواح تعقيداً ما خلفه هذا العصر من نقوش محفورة هي أرقى ما وجد من نوعها، ويمثل أحدها أرفيوس يلقي نظرة وداع طويلة على يورديس Eurydice التي استردها هرمس إلى العالم السفلي (٢٢). وفي نقشٍ ثانٍ نرى دمتر تعطي تربتولموس الحية الذهبية التي يستحدث بها فن الزراعة في بلاد اليونان، ولا يزال بعض اللون في هذا النقش لاصقاً في الحجر، يوحي بما كان عليه النقش اليوناني في العصر الذهبي من روعة وصدق تعبير (٢٣). وأجمل من هذين النقشين مولد أفرديتي الذي حفره على أحد أوجه "عرش لدفيزي"(١) حفار غير معروف لعله تدرب على فنه في أيونيا. وترى فيه إلهتان ترفعان أفرديتي من البحر، وثوبها الرقيق المبلل ملتصق بجسمها، يظهر كل ما فيه من روعة الأنوثة الناضجة. ورأسها شبيه بعض الشبه برؤوس الآسيويات، ولكن أثواب من يرافقنها من الإلهات ووقفتهن الرشيقة الجميلة عليهما طابع العين واليد اليونانيتين الحساستين. وعلى جانب آخر من جوانب العرش نقشت فتاة عارية تعزف على القيثارة المزدوجة، وعلى جانب ثالث امرأة تعد مصباحها لتضيء به ظلمة المساء، ولعل وجه هذه المرأة وأثوابها أقرب إلى الكمال مما على الجانب الرئيسي للعرش.
ويدهش الإنسان حين يرى رقي مَثالي القرن الخامس عن أسلافهم. ففي هذا القرن لم يعد المثالون يظهرون المنظر الأمامي، وفيه يصبح فن المنظور عظيم الأثر إذ يمثل الأشياء كأنها بارزة نحو الناظر إليها وتحل فيه الحركة محل
(١) هي كتلة من الرخام عثر عليها في رومة حين هدم قصر لدفيزي الصغير. والحجر الأصلي في متحف ترمي Muse Delle Terme برومة، وتوجد نسخة جيدة منه في متحف الفن بنيويورك.