للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في جمالها أية عمد أخرى من نوعها (١). وكان المدخل الشمالي باباً كامل البناء مزيناً بأزهار محفورة في الرخام. ووضع في المحراب تمثال أثينة الخشبي البدائي الذي هبط، في اعتقاد الصالحين، من السماء. وهناك كان أيضاً المصباح العظيم الذي لا تنطفئ ناره أبداً، والذي صاغه كلمكس، سليني Cellini زمانه، من الذهب المصفى وزينه بأوراق الأكتثوس كتيجان الأعمدة الكورنثية. وكان المدخل الجنوبي هو باب القداري أو الكَرْيتيدات Caryatids (٢) الذائع الصيت. وأكبر الظن أن تلك النساء الصابرات كن من نسل حاملات السلال الشرقيات. وفي تراليس Tralles من أعمال آسية الصغرى عمود قديم في صورة امرأة لا يترك مجالاً للشك في أن هذا الطراز من العمد شرقي الأصل، وأكبر الظن أنه بابلي. والثياب التي تغطي أجسام العذارى فاخرة، ويدل انحناء الركبة على أنهن مستريحات في وقفتهن، ولكن أولئك الفتيات أنفسهن لا يشعرن الإنسان بأن فيهن من القوة ما يعينهن على حمل ذلك البناء، كما يشعر الإنسان حين ينظر إلى أجمل أنواع الأبنية. لقد كان هذا انحرافاً في الذوق أكبر ظننا أن فدياس لم يكن يجيزه قط.


(١) لقد كانت هذه العمد، لا عمد البارثنون، هي التي أقيمت على مثالها العمد التي أنشئت فيما بعد. وكان أسفل كل عمود يتصل بصف الأعمدة "بقاعدة أتكية" مكونة من ثلاثة أجزاء مربوطة بعصابات شبكية أو أربطة. ويتدرج أعلى العمود حتى يصل إلى تاجه اللولبي برباط من الأزهار. وكان للدعامة المرتكزة على العمود حلية عليها نقوش، وإفريز من الحجر الأسود، ومن نحت الطنف طائفة من النقوش البارزة. ولم تكن عناية الفنانين بحفر الحليات المكونة من أزهار البياضية، والقنان، والياسمين البري، أقل من عنايتهم بالتماثيل نفسها. وقد نال الفنانون على كل قدم من هذه الحليات مثل ما نالوه من الأجر على كل صورة من الإفريز.
(٢) كان المهندس الروماني فتروفيوس Vitruvius هو الذي أطلق هذا الاسم على هذه الأشكال، وقد أخذه من الاسم الذي كان يطلق على كاهنات أرتميس في مدينة كرية Caryae من أعمال لكونيا Laconia. أما الأثينييون فلم يسموهم بأكثر من كوراي Karai أي العذارى.